وهناك موارد أخرى تعرضنا لها في كتابنا (مهذب الأحكام) ومن شاء فليرجع اليه.
(وَقالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ (١١٦) بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (١١٧))
ذكر سبحانه وتعالى من قبائح عقائدهم ومساويها حيث نسبوا الولد إليه تعالى وردّ الله عزوجل عليهم متدرّجا بحسب فهم المخاطبين فحكم أولا أنه غني مطلق لا يحتاج إلى شيء من خلقه ، وثانيا أن خلقه خاضع لإرادته ، وثالثا أنه خلق الخلق من غير مثال ، فلا يعقل نسبة الولد اليه.
التفسير
قوله تعالى : (وَقالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً). الاتخاذ من الأخذ ، وضمّن هنا معنى الجعل والإحداث نظير قوله تعالى : (وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ) [سورة الأعراف ، الآية : ١٤٨] والقائل بذلك اليهود والنصارى وبعض مشركي العرب كما حكى الله تعالى عنهم في كتابه المجيد ، قال تعالى : (قالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ) [سورة التوبة ، الآية : ٣٠] ، وقال تعالى : (قالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصارى نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ) [سورة المائدة ، الآية : ١٨] ، وقال تعالى : (وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَناتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَصِفُونَ) [سورة الأنعام ، الآية : ١٠٠] ، بل قد صدر عن غيرهم من أصحاب الديانات ، حيث جعلوا زعماء ديانتهم أبناء الله تعالى مولودين منه سبحانه وتعالى ، وذلك لأنهم يرون أن ذلك كمال لمن يعظمونه ، وهذا من غاية جهلهم حيث يزعمون أن كل ما يكون كمالا لهم يكون كمالا لله تعالى ، كما قال علي (عليهالسلام) : «ولعل نمل الصفا يزعم أن لله زبانيتين».
قوله تعالى : (سُبْحانَهُ). من التسبيح وهو التنزيه المشوب بالعظمة والتعجب ، قولا ، وفعلا ، قلبا وتسخيرا ، قال تعالى : (تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ