الظلمات ، قال تعالى : (اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ) [سورة البقرة ، الآية : ٢٥٧] وقوله تعالى : (يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ) [سورة النور ، الآية : ٣٥] فالنور والصراط المستقيم لا يعقل التعدد فيه لأن مبدأه منه تعالى كما أن بقاءه به ومنتهاه إليه بخلاف الظلمات فإنها مختلفة حسب الإعتقادات والأهواء الباطلة قال تعالى : (قالَ فَبِما أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ) [سورة الأعراف ، الآية : ١٦].
نعم المستفاد من مجموع الآيات والروايات أن الظلم والشرك من الشيطان فهما حقيقة واحدة لها مراتب كثيرة ومظاهر متفاوتة والاختلاف في التعبير دون الحقيقة وسيأتي تفصيل ذلك في بيان حقيقة الشيطان إن شاء الله تعالى.
(صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ (٧))
قوله تعالى : (صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ). بيان للصراط المستقيم وإنما كرر لفظ «الصراط» ، لأهمية الموضوع وأنّ المطلوب ليس مجرد حدوث الهداية فقط بل بقاؤها وإبقاؤها ؛ وقد بيّن تعالى الصراط المستقيم بنفسه ، لأن صراطا يكون مبدؤه من الله تعالى ومنتهاه اليه كيف يمكن وصفه وبأي وجه يتحقق نعته؟!! فلا يقدر المخلوق أن يصفه إلّا بما وصفه الخالق بالقول الجامع في قوله : (صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) فمن يقدر أن يحد هذه النعمة العظمى التي هي أجلّ مواهب الله تعالى في الدنيا والآخرة وأعلى الكمالات الإنسانية في ما يرد عليه من العوالم كلها وأنّى للممكن المتناهي من كل جهة أن يحيط بحقيقة ما يكون كله منه تبارك وتعالى.
وعن جمع من اللغويين أن استعمال النعمة يختص بذوي العقول فلا يستعمل في غيرهم إلّا بالعناية وله وجه إن أريد منه أن الغاية من خلق النّعم هو الإنسان ، كما في قوله تعالى : (خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) [سورة