عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ وَلا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (١٢٣))
أورد سبحانه وتعالى في ما تقدم من الآيات المباركة بعض شبه الكافرين والمنكرين لوحدانيته وقدرته تعالى ، وأقام الحجة على بطلان دعاويهم. وفي هذه الآيات المباركة يذكر سبحانه المنكرين لنبوة رسوله (صلىاللهعليهوآله) غرورا ، وعنادا ، ويقيم الحجة عليهم ، فذكر أولا من أنكر نبوته بكثرة السؤال عنادا واستخفافا بدين الله تعالى ، ثم وجّه الكلام إلى الكفار فأمرهم بالإيمان وان هدى الله أحق ان يتبع وذكر أن طائفة منهم يرجى الإيمان منهم وهم الذين يتلون الكتاب حق تلاوته ، تسلية لنبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) ثم ذكّرهم بنعمه وما يترتب على أفعالهم في يوم الآخرة.
التفسير
قوله تعالى : (قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ لَوْ لا يُكَلِّمُنَا اللهُ أَوْ تَأْتِينا آيَةٌ). لو لا كلمة تستعمل على وجهين :
أحدهما : امتناع الشيء لأجل الغير مثل قوله تعالى : (لَوْ لا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ) [سورة سبأ ، الآية : ٣١] ويلزمه حذف الخبر ، لقيام الجواب مقامه.
الثاني : بمعنى «هلا» للعرض والطلب ، ويتعقبه الفعل كقوله تعالى : (لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً) [سورة طه ، الآية : ١٣٤] ، والفارق بينهما القرائن المحفوفة بالكلام ، وفي المقام تأتي بالمعنى الأخير. والمراد من الذين لا يعلمون هم الذين لا يعلمون حكمة الله تعالى ، ولا يقرون بنبوة نبيّه مع دلالة الآيات الظاهرة لهم سواء كانوا من أهل الكتاب أو من المشركين.
ولعل التعبير بنفي العلم ، وعدم إثبات الجهل لهم مماشاة معهم لئلا ينفروا عن رسول الله (صلىاللهعليهوآله) لا سيما أن جمعا من القائلين