وإليّ التجأ أشهدكم لأعيننه على أمره ولأغيثنه في شدائده ولآخذن بيده يوم نوائبه ، فإذا قال : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) إلى آخر السورة قال الله عزوجل : هذا لعبدي ولعبدي ما سأل وقد استجبت لعبدي وأعطيته ما أمل وآمنته مما منه وجل». وقريب منه عن ابن عباس عنه (صلىاللهعليهوآله) أيضا.
أقول : هذه الرواية تكشف عن أهمية سورة الفاتحة بالنسبة إلى سائر آيات القرآن ، فإنه (أولا) : جعل عبده شريكا لنفسه في المخاطبة والمكالمة (وثانيا) : قسّم السورة بين نفسه جل شأنه وبين عبده نصفين. (وثالثا) : جعل على نفسه الوفاء بما جعله لعبده. (ورابعا) : إنها أوثق رابطة بين العابد والمعبود وتوجه كل منهما إلى الآخر. (وخامسا) : حنان خاص من المعبود الحقيقي إلى عابديه.
فهذه السورة المباركة ـ التي جعلها الله تعالى في صلاة المسلمين ـ هي كمرآة لجميع معارف القرآن بأخصر البيان.
وعن علي (عليهالسلام) في تفسير الحمد لله : «إنّ الله عرّف عباده بعض نعمه عليهم جملا ، إذ لا يقدرون على معرفة جميعها بالتفصيل ، لأنّها أكثر من أن تحصى أو تعرف فقال لهم : قولوا : الحمد لله على ما أنعم به علينا».
أقول : ويدل عليه قوله تعالى : (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها) [سورة النحل ، الآية : ١٨].
وعنه (عليهالسلام) في تفسير رب العالمين : «مالك الجماعات من كل مخلوق من الجمادات والحيوانات وخالقهم وسائق أرزاقهم إليهم من حيث يعلمون ومن حيث لا يعلمون يقلّب الحيوانات بقدرته ويغذوها من رزقه ويحوطها بكنفه ويدير كلا منها بمصلحته ، ويمسك الجمادات بقدرته ويمسك المتصل منها ان يتهافت ويمسك المتهافت منها أن يتلاصق ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلّا بإذنه والأرض أن تنخسف إلّا بأمره.
أقول : الحديث ظاهر في عموم ربوبيته تعالى لجميع الموجودات بتمام شؤونها ، ويدل على ذلك ما تقدم في معنى الرب.