والماديات والجواهر والأعراض وخواصها ومباديها وما يصير إليها أمرها وارتباط بعضها مع بعض والمضادة بينها ، وما يتعلق بالإنسان حدوثه وبقائه ومصيره والعوالم التي يرد عليها إلى غير ذلك مما هو مستور.
الثالث : ما ينبغي ستره وحفظه ، كما في قوله تعالى : (فَالصَّالِحاتُ قانِتاتٌ حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ) [سورة النساء ، الآية : ٢٤] وقوله تعالى : (ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ) [سورة يوسف ، الآية : ٥٢].
الرابع : ما حدث ومضى ، كقوله تعالى : (ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ) [سورة يوسف ، الآية : ١٠٢] مع أن قصة يوسف (عليهالسلام) وقعت في الخارج ثم حكاها الله تعالى لنبيه (صلىاللهعليهوآله). والجامع لتلك المعاني هو الاستتار.
قوله تعالى : (وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ). استعملت مادة (ق وم) في القرآن العظيم بكثير من هيئاتها المختلفة بالنسبة إلى الصّلاة تعظيما لها واهتماما بشأنها. والإقامة بمعنى الإستواء والاعتدال والجمع. ومعنى إقامة الصلاة إتيانها بحدودها وقيودها على ما أمر الله تعالى به والتوجه بها إلى الله عزوجل.
والصلاة بمعنى الدعاء والعطف والرحمة قال تعالى : (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً) [سورة الأحزاب ، الآية : ٤٣] أي يرحمكم ويعطف عليكم وقال تعالى : (وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ) [سورة التوبة ، الآية : ١٠٣] ، وقال تعالى : (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [سورة الأحزاب ، الآية : ٥٦] أي ينزل الرحمة والعناية الخاصة عليه (صلىاللهعليهوآله) ، واستعمل لفظ الصّلاة في ما هو المعهود من الأعمال في الشريعة الإسلامية لوجود الدعاء وطلب الرحمة فيها.
وهذه العبادة الخاصة كانت معهودة لدى الأنبياء السابقين وأتباعهم في الشرايع القديمة بل كانت توجد عند الحنفاء في الجاهلية. وقد أحكمها الله تعالى في هذه الشريعة في أفضل هيئة وأتم عبادة ، وهي أول ما علمها الله