الجوارح ، فيمكن أن يكون شخص مؤمنا اعتقادا ولسانا ولكنه كافر عملا لا اعتقادا ولا إقرارا وهذا معنى الأثر الذي تقدم من أنّ «الإيمان اعتقاد بالجنان وإقرار باللسان» فإيمان كل شخص مبثوث على الجوارح ، فالإيمان والكفر كالنور والظلمة فقد يكون النور في كل مورد وقد يكون في مورد دون آخر ، ولا ريب في انه متى ما انتفى النور يحل محله الظلمة لا محالة ولا واسطة بينهما ، وهذا معنى ما تقدم من الأخبار من قوله (صلىاللهعليهوآله): «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن» الى غير ذلك مما ورد فإذا اجتمع الإيمان بالله قلبا والإقرار باللسان والعمل بما أمر الله وترك ما نهى عنه يكون مؤمنا ، وإذا لم يتحقق الإيمان قلبا وتحقق لسانا وعملا يكون منافقا ، وإذا تحقق قلبا ولسنا ولم يتحقق عملا يكون فاسقا وهو لا ينافي إطلاق الكفر العملي عليه أيضا كما في قوله (عليهالسلام): «أما الرشا في الأحكام فهو الكفر بالله العظيم».
فكل من جهل شيئا من أمور دينه ينقص من إيمانه بقدر جهله ، وكل من أنكر ما يجب عليه تصديقه في الشريعة فله حظ من كفر الجحود إلى أن يصل إلى الجحود المطلق وكل من أظهر بلسانه ما لا يعتقده بقلبه بغير عذر شرعي فله حظ من النفاق إلى أن يصل إلى النفاق المطلق ، وكل من كتم حقا شرعيا بعد معرفته فله حظ من التهود إلى أن يصير كذلك مطلقا ، وكل من استبد برأيه ولم يتبع الشريعة فله حظ من الضلالة إلى أن تتم فيه ، وكل من ارتكب حراما أو ترك واجبا فله حظ من كفر الاستخفاف إلى أن يصل إلى الكفر المطلق إن لم يتدارك ذلك بالتوبة. ولكن من أسلم وجهه لله تعالى واتبع الشريعة المقدسة في جميع ما جاء به وتدارك ذنبه بالتوبة فهو المؤمن حقا.
هذه خلاصة ما يستفاد من الكتاب والسنة بعد رد المجمل إلى المفصل والمتشابه إلى المحكم ، وسيأتي البحث عن ترتب الجزاء على كل واحد مما ذكر.
بحث فلسفي :
لا ريب أنّ الإنسان مركب من جزئين بهما قوامه ، وهما الروح والبدن