عذاب الدنيا والآخرة قال تعالى : (لَهُمْ عَذابٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَشَقُ) [سورة الرعد ، الآية : ٣٤] والتنكير لإظهار تعميم العذاب من جميع الجهات التي تتصور فيه وحينئذ فيكون ذكر العظيم من باب أهمية عظمته.
وهاتان الآيتان من القضايا الشرطية المركبة من الشرط والجزاء وقد ثبت في علم الميزان أن جملة من تلك القضايا تكون قياساتها معها ، أي : تصورها يغني عن إقامة البرهان عليها. وسيأتي بيان أن للعذاب ـ في الآخرة ـ حياة وإدراكا. مفصلا إنشاء الله تعالى.
بحث روائي :
عن علي (عليهالسلام): «سبق في علمه تعالى أنهم لا يؤمنون فختم على قلوبهم وسمعهم ليوافق قضاؤه عليهم علمه فيهم ألا تسمع قوله تعالى : (لَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ)».
أقول : بين (عليهالسلام) أن الختم والطبع على قلوبهم وقع باختيار منهم لا أن يكونوا مقهورين في ذلك كما تقدم. وقوله : «ليوافق ـ علمه فيهم» ليس هذا العلم من العلة التامة للطبع والختم حتّى يستلزم الجبر كما ذهب اليه جمع ، لقوله (عليهالسلام) في صدر الرواية «ليوافق قضاؤه عليهم علمه» فحكمه (عليهالسلام) بأن ذلك من مقتضياته ـ والقضاء بنحو الاقتضاء لا العلة التامة ـ يدفع هذا الاشكال.
قال أبو جعفر (عليهالسلام): «والله إنّ الكفر لأقدم من الشرك وأخبث وأعظم».
أقول : يظهر من هذه الرواية الشريفة أن الآيتين المباركتين لا تختصان بوقت دون وقت فيكون القدم فيها قدما زمانيا لأن كفر إبليس أقدم من جميع أنحاء الكفر ، ويمكن أن يجعل قدما رتبيا فإن كل شرك مبدوّ بأوهام تحصل للنفس وهي بعض مراتب الكفر في الواقع ومبادئ الشرك فيصير الكفر مبدئا للشرك بعد ذلك.
وعن الرضا (عليهالسلام): «الختم هو الطبع على قلوب الكفار عقوبة