ومعنى الآية المباركة إن المنافقين لا شعور لهم في إدراك قبح عملهم لفرض أنّ بناءهم على النفاق والفساد وهم مسخرون تحت طبيعتهم الشريرة ، كما في قوله تعالى : (فَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ) [سورة المنافقون ، الآية : ٣].
ثم إنّ مفاد هذه الآية المباركة يجري في جميع الرذائل النفسانية التي طبعت في قلوب أهلها فالمورد وإن كان خاصا ولكن الحكم (وما يشعرون) عام.
قوله تعالى : (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ). المراد بالقلب في الآيات المباركة : منشأ الفهم والإدراكات فينطبق عليه النفس والروح والعقل أيضا. والمرض هو الخروج عن الاعتدال سواء كان في الجسم أو في القلب. والمراد بمرضها ضعف إدراكاتها وعدم تعقلها للدين وأسراره وأحكامه ويجمع ذلك عدم التفقه لها كما قال تعالى : (لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها) [سورة الأعراف ، الآية : ١٧٩].
قوله تعالى : (فَزادَهُمُ اللهُ مَرَضاً). يمكن أن تكون هذه الجملة المباركة دعاء عليهم كقوله تعالى : (ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ) [سورة التوبة ، الآية : ١٢٧]. ويمكن أن تكون جريا على سلسلة الأسباب المنتهية إليه تعالى فانه عزوجل بعث الرسول (صلىاللهعليهوآله) وأنزل القرآن وأتم الحجة فكذّبوا بها وأبوا أن يتّبعوه حسدا واستكبارا فزاد ذلك مرضا على مرضهم ، فنسب المرض بالسبب القريب الى اختيارهم وبالسبب البعيد الى إرسال الرسول والدعوة الى الإسلام والكل ينتهي إليه تعالى في سلسلة الأسباب.
وفي تنكير المرض إشارة إلى ثبوت جميع أنواعه حسب مفاسد أخلاقهم واستقرارها في قلوبهم.
قوله تعالى : (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ). أي : كان العذاب لأجل كذبهم لأن المنافق كاذب ويستلزم ذلك تكذيبهم للرسول (صلىاللهعليهوآله) فلا فرق في قراءة (يكذبون) بين المجرد اللازم والمزيد المتعدي.