وإنما ذكر تعالى خصوص هذه الصفة (كذب) لكونه مصدر كل شر وأساس كل نفاق.
أليم : صفة للعذاب بمعنى المؤلم وإطلاقه يشمل كل ألم وفي أي مرتبة كانت من مراتب العظمة كما يدل قوله تعالى : (إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً) [سورة النساء ، الآية : ١٤٥] فيكون عذابهم أشد من عذاب الكافرين.
بحث فلسفي :
الشعور هو أدنى مرتبة الإحساس والإدراك وكلما كان إحساسات الشخص وإدراكاته للدقائق أكثر كان شعوره بها أشد وكليات أنواع الإحساسات والإدراكات ثلاثة : عقلية ، وخيالية ـ ومنها الإدراكات الحيوانية ـ ونباتية على ما أثبتها قدماء الفلاسفة والعلم الحديث أيضا ولكل منها مراتب كثيرة غير متناهية لا يحيط بها إلّا الباري جل شأنه.
وكمال الإنسان لنفسه ولغيره إنما هو بالإدراكات العقلية وفي غيرها لا ثمرة مهمة فيها. والإدراكات العقلية على قسمين :
الأول : ما يتعلق بالجهات التشريعية السماوية فهي محدودة ولا بد فيها من موافقتها للكتاب والسنة وعدم مخالفتها والخدعة ـ التي هي النفاق ـ مطلقا مخالفة لها.
الثاني : ما يتعلق بغير الجهات التشريعية كسائر العلوم أو الصنائع فإن الإدراك فيها مرسل غير محدود بحد إذ لأحد للعقل ولا منع للشرع ، ويأتي تفصيل ذلك في الآيات المناسبة لها إن شاء الله تعالى.
ثم إنّ صفات النفس على أقسام :
الأول : ما كانت صفة لها بحسب ذاتها كان هناك غيرها أولا ، كالحياة والجمال. فالجميل جميل كان هناك غير يراه أولا.
الثاني : الصفات التي تضاف إلى الغير فلا تحقق لها بدونه كالظلم وحسن الخلق والأذى ونحوه ومنها النفاق.