وَسَطاً) بنفسه قرينة على تخصيص الأمة بالبعض دون الجميع ، لأنه بأي معنى لوحظ ظاهر في التخصيص.
الخامس : لا بد في أداء الشهادة النوعية في الآخرة من أن يكون تحملها في الدنيا ، ولا يتحقق ذلك إلّا بعرض أعمال الناس ، والتمييز بين جيدها ورديئها على الشاهد من قبل الله تعالى. وإلّا فلا يتحقق التحمل فلا يترتب عليه الأداء. ومن يعرض عليه أعمال النّاس عدة خاصة ، للنصوص الكثيرة الدالة عليه ، وفي بعض النصوص : «هم اللب والأمة بمنزلة القشرة».
السادس : يظهر من هذه الآية (لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) بضميمة قوله تعالى : (ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ) [سورة الكهف ، الآية : ٥١] نحو ملازمة بين الإشهاد على مبدأ الخلق والإشهاد في المعاد ، فإن من كان له الاستعداد لأن يشهد المبدأ ، شهودا علميا إفاضيا من الله تعالى له الاستعداد أن يشهد على أعمال الخلائق في المعاد.
السابع : أنّ في قوله تعالى : (فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها) إيماء إلى أن القبلة الحقيقية هي الكعبة المقدسة والقبلة الأولى كانت من التكاليف الامتحانية أمر بالتوجه إليها لمصالح خاصة على ما تقدم ، كما يستفاد من ظاهر الآية المباركة أنها نزلت قبل تحوله (صلىاللهعليهوآله) إلى الكعبة ، وأنها بمنزلة الوعد ، ولذا قرنها بالأمر ، وقال جل شأنه : (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ).
الثامن : أنّ في تخصيص النبي (صلىاللهعليهوآله) بالخطاب في قوله تعالى : (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) ثم تعميمه لجميع المسلمين في قوله تعالى : (فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) نوع تشريف لمقام النبوة ، ولزيادة الاهتمام بالموضوع والتأكيد عليه ، بغية الإلفة والاجتماع ونبذ الفرقة والاختلاف.
التاسع : ربما استدل بعضهم بمثل هذه الآيات على حرمة التأمل في علل الأحكام والسؤال عنها ، لأنها تعبديات محضة ، والعقل قاصر عن الوصول