إليها ، ولا بد من الانقياد في جميع الأحكام.
وهذا الاستدلال على إطلاقه باطل لا وجه له ؛ والآيات المباركة أجنبية عن ذلك ، وما ذكره مخالف للآيات الكثيرة الآمرة بالتفكر والتعقل في ما يتعلق بالمبدأ ، والمعاد ، وتكميل النفس ، وفهم الأحكام ودركها من أهم وجوه تكميل النفس ، ولقد ذم سبحانه وتعالى قوما بقوله جل شأنه : (أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُ) [سورة الأعراف ، الآية : ١٧٩] ، وقد وردت في السنّة المقدسة نصوص كثيرة تبين المصالح والمفاسد والحكم الكثيرة للأحكام الشرعية وقد جمعها المحدثون من الفريقين في كتب مستقلة ممتعة ونافعة من شاء فليراجعها. فالسؤال عن الأحكام وعللها وحكمها صحيح ولا بأس به ، بل حيث عليه الشارع. نعم مثل هذا السؤال يكون على أقسام :
فتارة يكون السؤال لأجل التعليم والإعتقاد والعمل به. وأخرى : يكون لأجل العلم الإجمالي بأن الأحكام الإلهية تنشأ عن الحكم والمصالح بنحو الإجمال ، وهذان القسمان لا بأس بهما. وثالثة : يكون السؤال لأجل التشكيك به في الأحكام وتطبيق المصالح والحكم على ما يوافق الأهواء مما اكتشف في هذه الأعصار ، وهذا القسم باطل ، إذ أن المكتشفات تتغير بمرور الزمن ، واتساع رقعة العلم وتطبيق الحكم عليها يوجب التغيير في الأحكام والجرأة على ردها ، وهذا مما لا يرتضيه أحد ، والآيات الشريفة على فرض تمامية دلالتها تدل على هذا القسم.
العاشر : أنّ إضافة القبلة الى النبي (صلىاللهعليهوآله) في قوله تعالى : (ما تَبِعُوا قِبْلَتَكَ) إضافة تشريفية وإلّا فالكعبة قبلة إبراهيم (عليهالسلام) وقبلة جميع المسلمين : وفيه إيماء إلى أنه كان معهودا عندهم ، وفي بعض الأحاديث : «انه كان في بشارة الأنبياء لهم ـ أنه يكون بين صفاته كذا وكذا ـ وأنه يصلي إلى القبلتين».
الحادي عشر : إنما ذكر الوجه في قوله تعالى : (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) ، وقوله تعالى : (فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) ، لأن الوجه أشرف أعضاء الإنسان وأجلها ، ولذا يطلق ويراد به الإنسان نفسه من باب