ثم وجهه الله إلى الكعبة ، وذلك أن اليهود كانوا يعيّرون على رسول الله (صلىاللهعليهوآله) يقولون له : أنت تابع لنا تصلي إلى قبلتنا فاغتم رسول الله (صلىاللهعليهوآله) من ذلك غما شديدا وخرج في جوف الليل ينظر إلى آفاق السماء ينتظر من الله في ذلك أمرا ، لما أصبح وحضر وقت صلاة الظهر كان في مسجد بني سالم قد صلّى من الظهر ركعتين فنزل عليه جبرائيل وأخذ بعضديه وحوله إلى الكعبة ، وأنزل عليه (قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ). وكان قد صلّى ركعتين إلى بيت المقدس وركعتين إلى الكعبة ، فقالت اليهود والسفهاء : (ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها).
أقول : قريب منه ما رواه الشيخ في التهذيب إلّا أن فيه : «وتسعة عشر شهرا بالمدينة».
وفي الدر المنثور عن البراء «لما قدم رسول الله (صلىاللهعليهوآله) المدينة فصلّى نحو بيت المقدس ستة عشر شهرا ، أو سبعة عشر شهرا ، وكان رسول الله (صلىاللهعليهوآله) يحب أن يوجه نحو الكعبة ، فأنزل الله تعالى : (قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ) ـ الآية ـ. وقال السفهاء من النّاس ـ وهم اليهود ـ ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها؟ قال الله تعالى : (قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ).
ورواه البخاري عن عبد الله بن رجاء. وفي صحيح مسلم نحوه إلّا أن المدة ستة عشر شهرا.
أقول : الروايات في ذلك من طرق الخاصة والعامة متواترة في الجملة ، والمشهور ان تاريخ الواقعة كان في النصف من شهر شعبان الشهر السابع عشر من الهجرة ؛ ويأتي بعض الكلام في المباحث الآتية.
وفي الكافي عن بريد العجلي قال : «سألت أبا عبد الله (عليهالسلام) عن قول الله عزوجل : (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ). قال (عليهالسلام) : نحن الأمة الوسطى ، ونحن شهداء الله على خلقه وحججه في أرضه. قلت : قول الله عزوجل (مِلَّةَ أَبِيكُمْ