الإنساني الذي يهتم بحفظ المجتمع ووحدته ، ويعتني بأفراده بحيث يجعل الجميع كنفس واحدة في ما لهم وما عليهم ، فالآية المباركة تبين الحكم الفطري في المجتمعات في أن كل سابق يخبر باللاحق ؛ والأخير يؤيد السابق حتّى تتحقق الوحدة الاجتماعية ويبقى التآلف والترابط بين أفراد المجتمع قائما.
والمستفاد من سياق الآية أن الضمير في قوله تعالى : (يَعْرِفُونَهُ) راجع إلى رسول الله (صلىاللهعليهوآله) ، لأنه (صلىاللهعليهوآله) مذكور في الكتب السماوية بأوصافه ، ونعوته ، وحالاته ، ويشهد له التشبيه في قوله تعالى : (كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ).
ويستفاد من الآية المباركة أمور :
أحدها : إنها تشير إلى أنهم نشأوا على معرفة بالنبي (صلىاللهعليهوآله) كما ينشأ الأب على معرفة ابنه وإن غاب عن أبيه مدة طويلة ، وهو مقتضى إتمام الحجة عليهم.
ثانيها : إنها تشير إلى وجود المعرفة القلبية التكوينية لو لم يمنعها اللجاج والعناد.
ثالثها : إنها تشير إلى قبح الإنكار بعد وضوح الأمر.
رابعها : إنها تشير إلى أنّ الابن لمّا كان نتيجة سعي الوالدين وجهودهما ، كذلك تكون شريعة خاتم الأنبياء نتيجة خلق العالم ، وجهود الأنبياء والمرسلين ، وسعي الأمم الماضين ، وهو مقتضى السير التكاملي في الإنسان.
خامسها : الإشارة إلى الترغيب إلى لزوم العناية بشأن خاتم الأنبياء (صلىاللهعليهوآله) كما يعتني الآباء بالأبناء نتيجة أعمارهم.
ثم إن عود الضمير إلى النبي (صلىاللهعليهوآله) يلازم معرفة أحكامه إجمالا ، وانها من الله تعالى. ومن ذلك يعرف أنه لا وجه للنزاع في أن الضمير في قوله تعالى : (يَعْرِفُونَهُ) يرجع إلى النبي (صلىاللهعليهوآله) ، أو إلى