نصبوا شخصا لإدارة الرعية فإنهم يجعلونه مورد خطابهم مع الرعية في ما لهم وما عليهم ، وعلى ذلك جرى خطاب القرآن الكريم للرسول (صلىاللهعليهوآله).
ويمكن أن يكون الوجه في المقام هو تسلية النبي (صلىاللهعليهوآله) عما لاقاه في أمر القبلة من أهل الكتاب ، والمنافقين ، فيكون النهي عن صفة باعتبار عدم المنشأ لها أبدا ، ولذلك أيضا نظائر كثيرة في المحاورات. أو أن المراد به تذكير المؤمنين لئلا يقعوا في شرك المخادعين والمنافقين وتضليلهم.
قوله تعالى : (وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ). الوجهة : الجهة. والهاء في آخرها عروض عن الواو ، وهي بمعنى ما يتوجه إليه كالقبلة لما يستقبل إليه.
والسبق : التقدم ، وما يحصله السابق من سبقه ؛ ويستعمل في إحراز كل فضيلة ، ومنه قوله تعالى : (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) [سورة الواقعة ، الآية : ١٠] ، وقول علي (عليهالسلام) : «ألا إنّ السبقة الجنّة ، والغاية النار». لأن الاستباق إنما يكون إلى أمر محبوب وغرض مطلوب لا محالة ، ولا محبوب إلّا والجنّة أعلى منه ، والغاية ما ينتهى إليها ولو لم تكن محبوبة أو مطلوبة ، بل ولو كانت مبغوضة.
وقد استعمل الفعل متعديا بنفسه لا أن يكون المفعول منصوبا بنزع الخافض ، كما في قوله تعالى : (وَاسْتَبَقَا الْبابَ) [سورة يوسف ، الآية : ٢٥] ، وقوله تعالى : (فَاسْتَبَقُوا الصِّراطَ) [سورة يس ، الآية : ٦٦].
والخيرات جمع خير ، وهو أعم من العمل الصالح ، والبر. ومعناه ـ كلفظه ـ مرغوب كل فرد ، ومطلوب كل إنسان ، فيكون كلفظ الكمال والعقل في محبوبية اللفظ والمعنى عند الجميع ، وقد استعمل في القرآن الكريم في ما يقرب من مأة وثمانين موردا. وفي غالب الاستعمالات يكون اسما ، كقوله تعالى : (وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ) [سورة يونس ، الآية : ١١] ، وقد يستعمل وصفا يتضمن معنى أفعل التفضيل ، قال تعالى : (فَما آتانِيَ