وهو مناط الاحتياج وهو عين الفقر ، فجميع ما سواه عزوجل حادث.
ثم إنه اختلف أعلام الفلاسفة في أمور ثلاثة :
الأول : في أنّ الأصل في التحقق ومنشئية الأثر هو الوجود والماهية تابعة له ـ وقد اصطلحوا عليه بأصالة الوجود ـ أو يكون الأمر بالعكس؟ واصطلحوا عليه بأصالة الماهية ، بعد اتفاقهم على أنها قبل جعل الجاعل لا حيثية لها أبدا.
الثاني : أنّ المجعول من الباري تعالى هو الوجود والماهية تابعة له أو الأمر بالعكس؟ واصطلحوا عليه باصالة الوجود في الجعل ، أو اصالة الماهية فيه. وكل واحد من البحثين من المباحث المهمة المفصلة لديهم.
والذي يظهر من السنة المقدسة أصالة الماهية في كل من التحقق والجعل ، بمعنى أنّ الله تعالى مذوت الذات ومفيض الوجود عليها لا بمعنى التشريك ، بل بمعنى الترتب الدقي العقلي. ونسب إلى بعض أكابر أهل الدقة والتحقيق إنه وضع رسالة مستقلة في ذلك.
الثالث : ربط الحادث بالقديم ، وهو أيضا من المباحث المهمة الدقيقة الذي اختلف الفلاسفة فيه اختلافا كبيرا فاختار كل مهربا ، ولا طريق لهم إلّا التمسك بالسنّة المقدسة من جعل إرادته تبارك وتعالى من صفات الفعل لا من صفات الذات. هذا موجز القول والتفصيل يطلب من محله ، ومن الله التوفيق وبه الاعتصام.
بحث علمي :
يظهر من الآيات المباركة الواردة في القبلة أهميتها وعظم أمرها فقد أمر الشارع باستقبال الكعبة في الصّلاة والذبح وفي حالة الاحتضار وغير ذلك وندب إليها في حالات كثيرة ، بل استقبالها مندوب في جميع الحالات إلّا ما استثني. وحرم استقبالها في مواطن ، كما نزّه عنه في مواطن أخرى ، وهو يدل على الاهتمام بها ، ولذلك نزلت الآيات الشريفة تستعرض جميع جوانب هذا التشريع الجديد والاعتناء به اعتناء بليغا والتأكيد بمراعاته بأنحاء التأكيدات