ذكرنا يدل على أن صرف وجود الظلم ينافي جعل هذا المنصب الخطير ؛ لأن الإمام أمين الله تعالى على خلقه ، ومنشأ الاتصال بينه وبين عباده ، والظلم موجب لسقوطه عن هذا المنصب ، سواء كان سابقا عليه أم مقارنا أم لا حقا.
بحوث المقام
بحث دلالي :
يستفاد من الآية المباركة أمور :
الأول : إنّ فصل قوله تعالى : (قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً) عن الجملة السابقة ، ومن إضافته إليه تعالى يرشد إلى شرف الإمامة وأنّها فضل من الله تعالى ولطف إلهي ، وهي لا تنال بالكسب.
الثاني : يستفاد من سياق الآية المباركة أن الإمامة كانت بعد النبوة ، فإن إبراهيم (عليهالسلام) إنما طلب الإمامة لذريته بعد أن صار له أولاد يرجو أن يكون لهم ذرية ، وأما قبل ذلك فقد كان نبيا. و «جاعل» بمعنى أجعلك في المستقبل لا بمعنى جعلت في الماضي كما لا يخفى.
الثالث : أن قوله تعالى : (لِلنَّاسِ) إشارة إلى الامتنان عليهم وأن الإمامة هبة ولطف إلهي ومن أكبر مصالحهم.
الرابع : يستفاد أدب الدعاء من سؤال إبراهيم (عليهالسلام) فإنه كان عالما ومتوجها إلى أن في ذريته من لم يكن أهلا للإمامة فلم يطلبها لجميع ذريته وإلّا لا يناسب مقامه (عليهالسلام).
الخامس : في الآية المباركة تنبيه إلى أن المانع عن الإمامة منحصر في الظلم وأن فيه تنفير ذرية إبراهيم (عليهالسلام) من الظلم وتبغيضه إليهم ليجتنبوا عنه.
السادس : يستفاد من قوله تعالى : (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) شرف الإمامة وفضيلتها العظمى وعظيم مقامها ، فإنها عهد من الله تعالى بما فيها من القيام بمصلحة النّاس والتعهد بهم وسياسة الأمة.