اجتهدوا في هذا الموضوع وبذلوا جهدهم في تعيين الجهة ، ومن ذلك ما تعارف عليه في هذه الأعصار كالآلات المغناطيسية ، كل ذلك ان حصل منه الاطمئنان ، فلا ريب في كفايته وإلّا فلا اعتبار به.
(كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (١٥١) فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ (١٥٢))
هاتان الآيتان كالآيات السابقة في مقام بيان نعمه تعالى ، وفيهما إشارة إلى استجابة دعوة إبراهيم (عليهالسلام) ، كما انهما تدلان على أصول التربية والتعليم ، ولطفه تعالى بالنسبة إلى ذاكريه.
التفسير
قوله تعالى : (كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولاً). مادة (ر س ل) تأتي بمعنى البعث والانبعاث مع اللين والسهولة والسكون والطمأنينة. ومنه قول نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) : «غبن المسترسل سحت» يعني : من سكن إليك فلا تغبنه. وكذا قول علي (عليهالسلام) : «لا تثقنّ بأخيك كل الثقة فان سرعة الاسترسال لن تستقال».
وقد ذكرت هذه المادة في القرآن الكريم في ما يقرب من اربعمأة مورد ، وهي تستعمل بالنسبة إلى الملائكة ، قال تعالى : (وَلَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى) [سورة هود ، الآية : ٦٩] ، وقال تعالى : (لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً رَسُولاً) [سورة الأسراء ، الآية : ٩٥]. وبالنسبة إلى الأنبياء ـ وهو كثير جدا بجميع الهيئات ـ وبالنسبة إلى غيرهما ، قال تعالى : (وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ) [سورة الحجر ، الآية : ٢٢] ؛ وقال تعالى : (وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ) [سورة الفيل ، الآية : ٣] ، وقال تعالى : (فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ) [سورة الأعراف ، الآية : ١٣٣] ، وغالب استعمالاتها في الخير ، وقد تستعمل في الشر ، قال تعالى : (أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ) [سورة الملك ، الآية : ١٧]