النفس من الرذائل وتحليتها بالفضائل لتستعد لإفاضة العلوم عليها ، ثم التعليم ثم معرفة الأشياء بحقائقها والعمل بما عرفه كل ذلك من طريق الشرع المبين.
وعليه ترجع التلاوة والحكمة إلى الكتاب الذي هو القرآن العظيم فإنهما وان اختلفتا في المؤدى ولكنهما متحدتان مصداقا ، لكن الكتاب يظهر بأطوار مختلفة.
قوله تعالى : (فَاذْكُرُونِي). الذكر تارة : يطلق ويراد به التوجه والالتفاف الفعلي ، وهو عبارة أخرى عن الحفظ ، والفرق بينهما بالاعتبار ، فإن الثاني يقال له باعتبار ذاته ، والأول يقال له باعتبار التوجه الفعلي الى الشيء ، ولو لوحظ ذات الحضور من حيث هو فهما سواء من هذه الناحية.
وقد يطلق أخرى : ويراد به إظهار الشيء باللسان ، أو القلب أو الجوارح ، فمن الأول آيات كثيرة منها قوله تعالى : (هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي) [سورة الأنبياء ، الآية : ٢٤.] ومن الثاني قوله تعالى : (فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً) [سورة البقرة ، الآية : ٢٠٠] فإنه عام لذكر القلب واللسان. ومن الأخير قوله تعالى : (وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي) [سورة طه ، الآية : ١٤] حيث إنّ الصّلاة ذكر الله تعالى بالجوارح أيضا.
بل يطلق الذكر على نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) الذي هو الفرد الأكمل والمرآة الأتم لصفات الجلال والجمال ، قال تعالى : (قَدْ أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللهِ) [سورة الطلاق ، الآية : ١٠] بناء على أنّ لفظ «رسولا» من لفظ «ذكرا» ، كما أطلقت «الكلمة» على عيسى بن مريم (عليهالسلام) قال تعالى : (إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ) [سورة النساء ، الآية : ١٧١].
وقد يكون بمعنى الشرف وعلو المنزلة قال تعالى : (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ) [سورة الزخرف ، الآية : ٤٤] ، وقال تعالى : (وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ) [سورة الشرح ، الآية : ٤].
والذكرى كثرة الذكر وأبلغ منه قال تعالى : (رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرى لِأُولِي