الزيادة ، لفرض سعة رحمته وفضله فإن ذكره العبد في نفسه يذكره الله عزوجل كذلك ، وإن ذكره في ملأ من النّاس يذكره الله تعالى في ملإ من الملائكة وإن ذكره للدنيا أو الآخرة يكون ذكره تعالى لعبده كذلك ، ويمكن أن يكون صرف وجود ذكره تعالى لعبده منشأ لسعادته الأبدية التي لا حد لها ولا حصر ، وذلك يختلف باختلاف الاستعدادات والنفوس. هذا بناء على ما هو ظاهر الآية الشريفة من سياق الشرط والجزاء الظاهري. وأما بناء على ما أشرنا اليه من رجوع المعنى : ان أذكركم فلا تغفلوا عني ، فللمقام لطائف أخرى نشير إليها في الآيات الأخرى.
الخامس : إنّ في قوله تعالى : (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ) لطف وعناية وتعليم للغير بمجازاة الخير بالخير.
السادس : إنّ في قوله تعالى : (وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ) تحذيرا لأمة محمد (صلىاللهعليهوآله) أن لا يتركوا ما أمرهم الله تعالى ولا يكفروا بما أنعم الله عليهم ، لئلا يقعوا في ما وقعت فيه الأمم السابقة بعد ما كفرت بأنعم الله تعالى.
السابع : إنّ في ذكر العنوان الإثباتي بقوله تعالى : (وَاشْكُرُوا) والعنوان السلبي بقوله عزوجل (وَلا تَكْفُرُونِ) إشارة إلى الاهتمام بالموضوع أولا ؛ ونفي أنحاء الكفر حتّى كفران النعمة ثانيا ، وإلّا فيصح الاكتفاء بأحد العنوانين.
بحث روائي :
في الكافي عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر (عليهالسلام) قال : «مكتوب في التوراة التي لم تغير ، أن موسى سأل ربه فقال (عليهالسلام) : يا رب أقريب أنت مني فأناجيك أم بعيد فأناديك؟ فأوحى الله عزوجل اليه : يا موسى أنا جليس من ذكرني. فقال موسى (عليهالسلام) : فمن في سترك يوم لا ستر إلّا سترك؟ قال : الذين يذكرونني فأذكرهم ويتحابون فيّ فأحبهم فأولئك الذين إن أردت أن أصيب أهل الأرض بسوء ذكرتهم فدفعت عنهم بهم».