يقترن بأنحاء من البلاء والمحن في الأنفس والأموال ولا يمكن التغلب عليها إلّا بالصبر والتوجه إليه تعالى في كل أمر. وقد لطف سبحانه وتعالى على عبيده بما يهون عليهم احتمال المكاره ويخفف عنهم عظم المصاب بما أعده سبحانه للصابرين من البشارة العظمى ، ولمن قتل في سبيله الأجر الجزيل. ولا يسعنا في ذلك إلّا أن نقول بما قاله الإمام زين العابدين (عليهالسلام) في صحيفته : «ولو دل مخلوق مخلوقا من نفسه على مثل الذي دللت عليه عبادك منك كان موصوفا بالإحسان ومنعوتا بالامتنان ومحمودا بكل لسان» فهذه الآيات تكفي في عظمة الموحي والموحى إليه والوحي لكل من كان له سمع أو ألقى السمع وهو شهيد.
التفسير
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا). قد ورد هذا الخطاب في القرآن الكريم في ما يقرب من تسعين موردا وفيه من التحبب والملاطفة مع عبيده ما لا يخفى ، والمنساق من سياقه تلبس المخاطب بالإيمان في الجملة ، وهو يقتضي أن يكون الخطاب مدنيّا لا مكّيا. وتقدم ما يتعلق به في الآية ـ ١٠٤ من هذه السورة فراجع.
قوله تعالى : (اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ). الصبر هنا مقاومة النفس مع ما يرد عليها من المكاره والأذى. وحذف متعلقه يفيد العموم ـ كما هو المعروف في العلوم الأدبية ـ أي استعينوا بالصبر في جميع أموركم فإنه مفتاح النجاح ، وهو في كل شيء حسن ، ولا يتعلق بشيء إلّا وصار محبوبا ، فهو أمّ الفضائل والجامع لجميع جهات استكمال الإنسان إذا كان الصابر مراعيا لتكاليف المولى.
والاستعانة بالصبر استعانة بأهم الأسباب المؤدية إلى المطلوب وأعظم السبل في نيل المقصود ، والحاجة إليه في تأييد الحق ومقارعة الباطل واحتمال المصائب معلوم لكل احد ، وآثاره ظاهرة لكل فرد ، وتقدم ما يتعلق به في الآية ـ ٤٥ من هذه السورة.
وأما الاستعانة بالصلاة فإنها استعانة بأبرز مظاهر العبودية لرب