العالمين ، وأهم أبواب مناجاته تعالى ، والإستغاثة به عزوجل ، لما تشتمل على عظيم الآثار ، فإنها معراج المؤمن ، وإنّها تنهى عن الفحشاء والمنكر ، وبها يحصل للنفس سكونها واطمينانها عن الحوادث الواردة عليها ، لأن فيها ارتباط بعالم الغيب المحيط بهذا العالم ـ والإنسان خلق من ذلك العالم فإذا طابقت سنخية الذات مع العمل يحصل الانقطاع عن العلائق ويشتد الارتباط مع رب الخلائق ، فينتظم النظام على الوجه الأصلح. وفي الحديث : «كان رسول الله (صلىاللهعليهوآله) : «إذا حزبه أمر ـ أي اشتد عليه ـ فزع إلى الصلاة» وتقدم نظير هذه الآية في هذه السورة آية ـ ٤٥ إلّا أن في الأولى مدح سبحانه الصلاة وفي هذه مدح الصبر وبشر الصابرين.
والوجه في التكرار التأكيد على أهمية الصبر والصّلاة في تنفيذ الأمور وتكميل النفوس وتوطينها لاحتمال المكاره وتحصيل السعادة في الدارين.
قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ). لفظ «مع» يأتي بمعنى الجمع والمصاحبة في الجملة ، ويختلف اختلافا كبيرا بحسب الموارد والخصوصيات ، ويستعمل في الخالق والمخلوق ، قال تعالى : (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) [سورة التوبة ، الآية : ١٢٣] وقال تعالى حكاية عن نوح : (وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) [سورة الشعراء ، الآية : ١١٨].
والمعية نحو ارتباط حاصل تارة : بين الخالق والمخلوق حدوثا وبقاء ، قال تعالى : (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ) [سورة الحديد ، الآية : ٤] ويعبر عنها بالمعية القيّومية وتلازمها المعية الزمانية والمكانية والجامع ما ذكره علي (عليهالسلام) : «مع كل شيء لا بالمجانسة وغير كل شيء لا بالمباينة».
وأما معية المخلوق مع خالقه فيعبر عنها بعبارات مختلفة ، أولها العبودية وآخرها الفناء في الله تعالى ونتيجة الجميع البقاء بالله تعالى.
وأخرى : تحصل من عونه ونصرته وتوفيقه ، وتسبيب أسباب الخير ، ومنها معيّته تعالى مع الصابرين والمتقين والأنبياء والصالحين ، فتكون معيته تعالى لهم من جهتين جهة قيموميته تعالى ، وجهة فعله وعنايته ونصرته لهم. وهناك معان أخرى للمعية تأتي في الآيات المناسبة إن شاء الله تعالى.