قوله تعالى : (وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَراتِ). النقص يأتي بمعنى الخسران وهو في مقابل التمام. والمراد من الأموال الأعم من الأعيان والمنافع وما يهتم الإنسان بحفظه فيشمل الحيوان والعبيد وكل ما يبذل بإزائه المال.
كما أنّ المراد بالأنفس كل ما يتأثر الإنسان بفقده وورود النقص عليه ـ سواء كان من النقص في قوى النفس أو عروض الموت عليها ـ فيشمل النفس والأقارب والأصدقاء.
والثمرات جمع ثمرة وهي وإن كانت داخلة في الأموال غالبا لكن أفردها سبحانه وتعالى لتشمل ما ينبت في الأرض بالطبيعة مما لا مالك لها فعلا وينتفع بها الإنسان كالمرعى وجملة كثيرة من النباتات التي لها منافع هامة للإنسان وتكون غذاء للحيوان.
ويصح أن يراد بالثمرات مضافا إلى ما ذكرناه ثمرات القلوب أيضا وهي الأولاد كما يعبر عنهم بها كثيرا وفي الحديث عن النبي (صلىاللهعليهوآله) : «إذا مات ولد العبد قال الله تعالى للملائكة : أقبضتم ولد عبدي؟ فيقولون : نعم. فيقول : أقبضتم ثمرة قلبه؟ فيقولون : نعم. فيقول الله تعالى : ماذا قال عبدي؟ فيقولون : حمدك واسترجع ، فيقول الله تعالى : ابنوا لعبدي بيتا في الجنّة ، وسموه بيت الحمد».
والآية تشير الى ملازمة ما تقدم من الأمور لدار الدنيا المعبّر عنها في الفلسفة ب (دار الكون والفساد). كما أنها تفيد بأن الإيمان بالله تعالى لا يقتضي سعة الرزق ودفع الآلام ورفع المخاوف بل إن ذلك يجري حسب قانون السببية وما سنّه الله تعالى في عباده وإنما يجريها حسب المصالح والحكم ولذا نرى أنّ المؤمن يرى من البلاء ما لا يراه غيره ليعلم مقدار صبره أو يكمل إيمانه بها ويتهذب بالأخلاق الفاضلة.
ثم إنّ اختبار النّاس من قبله تبارك وتعالى إنما يكون لأجل حكم ومصالح متعددة منها : توطين النفس على المصائب ، وتهذيب الأنفس وتكميلها ، والتأدب بمقاومة الحالات ، وإتمام الحجة ، والتمييز بين الصابر