وغيره ، وقوة البصيرة ، وصفاء السريرة ، وتعلّم اللاحقين من السابقين كيفية مجاهداتهم واستقامتهم في الدين وما يترتب على ذلك من البشارة العظمى والأجر الجزيل كما في ذيل الآية الشريفة.
ولا أثر لهذا الامتحان بالنسبة إلى علمه عزوجل فإن النّاس قبل الامتحان وبعده في علمه التام الأزلي على حد سواء.
ولأجل ذلك لا يختص الاختبار ببعض الأفراد دون بعض بل يشمل جميع أفراد الإنسان حتّى الأنبياء والأولياء بل نقول إن ذلك من سنن الحياة الإنسانية.
نعم ، تارة : يكون الامتحان لإتمام الحجة على نفس الممتحن (بالفتح) كما مر وهذا هو القسم الشايع وأخرى : يكون لأجل إتمام الحجة على النّاس بأن هذا الشخص خرج عن الامتحان وقابل للنبوة والإمامة كما بالنسبة إلى إبراهيم (عليهالسلام) ، وأما بالنسبة إلى سيد الأنبياء فإنه حاز مرتبة الجمع ويجل عن ذلك فانه (صلىاللهعليهوآله) أول الخلق كان كاملا ومكملا ، وان «آدم ومن دونه تحت لوائه يوم القيامة» ، ولو كان عيسى وموسى (عليهماالسلام) حين لم يسعهما إلّا إتباعه كما ورد في الحديث ، وروى الفريقان إنه قال : «لي مع الله حالات لا يسعني فيها ملك مقرب ولا نبي مرسل» وعلى فرض وقوع الامتحان فإنما يكون لتثبيت علو مقامه عند النّاس كما عرفت آنفا.
قوله تعالى : (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ). أي : وبشر الصابرين على تلك المصائب الذين رضوا بقضاء الله تعالى وقدره وسلموا أمورهم إليه ولم تصدهم المحن والمصائب عن شكر الله تعالى ولا عن عبادته وطاعته.
وإنما اطلق سبحانه وتعالى البشارة لعدم إمكان تحديد المبشر به بحد معين ، فإنه يختلف باختلاف مراتب الصبر والرضاء ، والمناط هو أهلية الصابر لتحمل البلاء والمحن خصوصا إذا اقترن مع الرضا والتسليم فإنه يكون حينئذ من أعلى الفضائل وأسناها كما قال عزوجل.
قوله تعالى : (الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ