راجِعُونَ). مادة (ص وب) تستعمل في كل ما يصيب الإنسان من الخير والشر قال تعالى : (إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنا أَمْرَنا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ) [سورة التوبة ، الآية : ٥٠] وقال تعالى : (ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ) [سورة النساء ، الآية : ٧٩].
واستعملت المصيبة في كل ما يؤذي الإنسان في نفس ، أو مال أو أهل. ولكن اختصت عند العرف بالنائبة فقط. وفي نصوص كثيرة أن كل ما يؤذي المؤمن فهو مصيبة حتّى انقطاع شسع نعله ، والشوكة تدخل في بدنه ، فتكون المصيبة في الشريعة بمعناها في اللغة من مطلق الإصابة.
والرجوع والعود بمعنى مصير الشيء إلى ما كان عليه أولا نظير قوله تعالى : (كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ) [سورة الأعراف ، الآية : ٢٩].
أي : إنّ كل ما لنا من الحياة والنّعم هو من عند الله تعالى وملك له ، فهو اعتراف بالملكية له تعالى ذاتا وتدبيرا وتسليما ورضاء بقضائه وحكمته.
وقول (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ) إقرار بالرجوع إليه تعالى والجزاء على الأعمال. وفيه تسلية لكل مصاب ومظلوم وتوعيد لكل جائر وظالم.
والمعنى : وبشر الصابرين الذين يقولون : إنّا لله وإنا اليه راجعون المعبرين بلسان مقالهم عن الإيمان بالقضاء والقدر والتسليم لأمره.
وقول (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ) إقرار بالمبدأ والمعاد لله تعالى بالمطابقة ، وحيث إنّ مبدأ الكل ومرجعهم يستلزم وحدة الذات والفعل والا لزم الخلف ، فهذه الآية تدل على توحيد الذات وتوحيد الفعل بالملازمة ، ولعظمة هذه الجملة قال نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) : «أعطيت هذه الأمة شيئا لم يعطه الأنبياء قبلهم وهو (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ).
والرجوع إلى الله تعالى إما غير اختياري أو اختياري ، والأول هو المعاد الذي دلت عليه جميع الكتب السماوية خصوصا القرآن الكريم الذي أكد في هذا الموضوع تأكيدا بليغا. وهو من الموضوعات التي ينبغي التأكيد عليها لأن به يثبت المبدأ ووحدانيته وإذا ثبت المبدأ ثبت المعاد لا محالة.