اللاحقة من تشريع الأحكام الإلهية التي يكون إتيانها والخروج عن عهدتها من الجهاد الأكبر ، فالآيات على اختصارها ترغّب النفوس إلى تحمل المتاعب سواء في مقارعة الباطل وإعلان الحق او في إتيان التكاليف الإلهية ؛ وكل ذلك يدل على أن في تحصيل الكمال الأبدي لا بد من بذل الوسع وتحمل المشاق.
بحث روائي :
في تفسير العياشي عن الفضيل عن أبي جعفر (عليهالسلام) قال : «يا فضيل بلّغ من لقيت من موالينا عنّا السّلام ، وقل لهم : إني لا أغني عنكم من الله شيئا إلّا بورع ، فاحفظوا ألسنتكم ، وكفوا أيديكم ، وعليكم بالصبر والصّلاة إن الله مع الصابرين».
أقول : في سياق ذلك روايات متواترة أخرى فعن أبي جعفر (عليهالسلام) في الصحيح : «لا تتهاون بصلاتك فإن النبي (صلىاللهعليهوآله) قال عند موته : ليس مني من استخف بصلاته لا يرد عليّ الحوض لا والله» ، وعن الصادق (عليهالسلام) حين حضرته الوفاة : «إن شفاعتنا لا تنال مستخفا بالصّلاة».
وقد قطع أبو جعفر (عليهالسلام) بقوله هذا أمل كل مؤمل فيهم ، وانه لا يفيد الشخص إلّا الورع عن محارم الله تعالى ، وذكر (عليهالسلام) بعض أفراد العمل الصالح. وإنما خص (عليهالسلام) الصبر والصّلاة لكون الأول من أهم موجبات الورع ، والثانية من أهم ما يوجب التوفيق للعمل الصالح وترك المحارم.
في الكافي عن ابن أبي عمير عن أبي عبد الله (عليهالسلام) في قول الله تعالى : (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ) قال : «الصبر الصيام ، وقال إذا نزلت بالرجل النازلة الشديدة فليصم فإن الله عزوجل يقول واستعينوا بالصبر يعني الصيام».
أقول : إنّه من باب التطبيق لأنّ الصوم يوجب الصبر عن الشهوات النفسانية ، فلا منافاة بين هذا الحديث وسائر ما ورد في معنى الصبر.