رَبِّي) [سورة الإسراء ، الآية : ٨٥] ، وقال جلّ شأنه : (وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي) [سورة الحجر ، الآية : ٢٩] ولأجل هذه الإضافة صارت من الغيب الذي لا يحيط به إلّا الله عزوجل أو من كشف عن بصيرته الستار فيرى أنوارا من المعارف لا يعلم مراتب رفعتها وأنواع أشعتها الا الله تعالى.
ونحن نذكر في المقام جانبا من تلك الجوانب وهو البحث عن تجرد النفس. ونتعرض للبقية في المواضع المناسبة إن شاء الله تعالى. وتمهيدا للبحث في الموضوع لا بأس بذكر ما يتعلق بالمراد من (النفس) وموقعها من الموجودات.
تقسيم الموجود :
لو نظرنا إلى ذات الموجود من حيث هو فانه ينقسم إلى أربعة أقسام :
الأول : أن لا يكون محتاجا إلى المادة مطلقا ـ لا في ذاته ولا في فعله ـ بل يكون منزها عنها مطلقا ، وهذا القسم منحصر في الله تعالى الذي هو خالق الخلق جميعا من مجرداتها ومادياتها.
الثاني : أن يكون محتاجا إلى المادة في الذات والفعل معا ، وهو عالم الماديات المحضة التي تكون ذاتها من المادة وفعلها بها وفيها أيضا.
الثالث : أن لا يكون في ذاته محتاجا إلى المادة ولكن في فعله يحتاج إليها وهو النفوس مطلقا ـ نباتية كانت أو حيوانية أو إنسانية أو فلكية ـ المتعلقة بجسم الأفلاك ، لا الساكنة فيها كالأملاك.
الرابع : أن يكون في ذاته محتاجا إلى المادة دون فعله وهذا باطل بالضرورة كما هو معلوم.
كما ينقسم الموجود باعتبار آخر إلى اربعة أقسام أخرى :
الأول : أن لا يكون له حدوث أبدا بل يمتنع عليه ذلك ، فيكون أبديا سرمديا من ذاته بذاته ، وهو منحصر في الله عزوجل.
الثاني : أن يكون جسمانيا في الحدوث روحانيا في البقاء ، فيكون إبداعا إليها في الجسم بنحو ما جرت عليه إرادته البالغة التامة كالنفس ، فهي