وكيف كان فهي ظاهرة عند كل فرد حي ، وهي المعبر عنها ب (أنا) وقد عرّفها العلماء بتعاريف مختلفة يقصد منها تقريب المعنى إلى الذهن ، فقد عرّفها بعض أكابر الفلاسفة في منظومته الفلسفية :
وأنّها بحت وجود ظل حق |
|
عندي وذا فوق التجرد انطلق |
وعن العرفاء : أنها من مظاهر التجلي الإلهي ، وهي جوهر مشرق للبدن.
وقال بعضهم : إنّها الجوهر البخاري اللطيف الذي هو منشأ الحياة والحس والحركة الإرادية. ويسميها أفلاطون بالفكرة الأبدية.
وأما عند الماديين فقد اتفقوا على أنها شيء مادي يمكن أن تقع تحت تجربة ؛ ولكنهم اختلفوا في طبيعتها فعن الماديين القدماء انها عمليات أولية فيزيقية كيماوية. وتعتبرها الشعوب البدائية ظل الشخص أو الدم ، أو النّفس ونحو ذلك ، ومن هنا جاء المعنى اللغوي.
وهي عند الجدليين منهم ظواهر عقلية وتفاعلات مادية يمكن كشفها وفحصها بالتجربة ونحوها ، وبعبارة أخرى هي صفة خاصة للمادة في تنظيمها الأعلى فلا يمكن لها التجرد عن الجسد أبدا ، وهي بهذا المعنى تكون مرادفة للفكر والإدراك والذهن والعقل ونحو ذلك.
ولكن النفس عند المتدينين إنها قوة لا مادية خالدة غير متجسدة قادرة على أن توجد في انفصال واستقلال عن الجسد في عالم آخر.
هذه كلمات القوم في تعريف النفس مع غض النظر عن المناقشات التي يمكن ان ترد عليها فان لها موضعا آخر. وقد ألّف المحقق الثاني كتابا في النفس والروح في القرن العاشر الهجري سماه (الباب المفتوح إلى ما قيل في النفس والروح) وجمع الأقوال فيها وأنهاها إلى ما يقرب من أربعين قولا ؛ وان أمكن إرجاع بعضها إلى بعض فتصير الأقوال أقل لا محالة.
والمستفاد من الكتب السماوية والقرآن الكريم أن النفس شيء فيها اقتضاء كل كمال معنوي من الله تعالى وكمال ظاهري بلا تحديد فيه بذلك ، وهي متحدة مع الجسد زمنا ما ثم تنفصل وتبقى إما سعيدة أو شقية