ومنها قول علي (عليهالسلام) : «إنّ هذه الأرواح تكلّ كما تكل الأبدان ـ الحديث ـ» وهو ظاهر في أنها من عالم آخر غير عالم المادة.
وبالجملة ، النصوص من الأئمة الهداة أكثر من ان تحصى ـ وقد سبق في البحث الروائي بعضها ـ ومجموعها يدل على ان النفس والروح من عالم آخر تعلقت بالبدن برهة من الزمن ثم تنفصل عنه ثم تعود متعلقة به وتبقى خالدة أبد الدهر.
يضاف إلى ذلك ما اثبته العلماء في العصر الحديث من أمور ترتبط بالنفس وقد وضعوا لها كتبا مستقلة ، كما أثبت العلماء الأخلاق امراض النفس وآفاتها ، ويشهد لذلك ما اثبت في هذه الأعصار من التفرقة الحسية بين الأرواح والأجساد.
أما الثالث : أي الدليل العقلي فقد استدل في الفلسفة على تجرد النفس بأدلة كثيرة أنهاها بعضهم إلى عشرة لا يخلو بعضها عن المناقشة. وأهمها أمور :
الأول : حضور ذات النفس بذاته لكل أحد ، وهذا بديهي ، وهو يدل على التجرد ، إذ لو كانت مادية لما أمكن ذلك إلّا بالانطباع في ما هو أصفى والطف منها ، كما في حضور جميع الصور المادية في المرآة أو الماء الصافي ونحو ذلك.
الثاني : صدور الدقائق العلمية والفكرية منها مما لا يمكن صدورها عن غير المجرد.
الثالث : قدرتها على تصور غير المتناهي. إلى غير ذلك مما فصل في علم الفلسفة والكلام.
ومن ينكر أصل الروح والنفس أو يقول بماديتها وأنها نفس البدن فلا يسعه إلّا إنكار وجدانه.