التفسير
قوله تعالى : (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ) ، مادة (ص ف و) تأتي بمعنى الخلوص عن الشوب ، ومنه الصفاة وهي الحجارة الملساء الصافية الخالصة ، ومنه أيضا اصطفاء الله لخاصة عباده لخلوصهم في عبوديته ، قال تعالى : (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ) [سورة آل عمران ، الآية : ٣٣] ، وقال تعالى : (وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى) [سورة النمل ، الآية : ٥٩].
والصفا جبل بمكة تجاه البيت الحرام ، سمي به ، مضافا إلى الوجه اللغوي ، أنّ صفي الله آدم (عليهالسلام) هبط عليه فسمي المحل باسم الحال ، وهو يذكر ويؤنث.
والمروة واحد المرو ، وهي الحجارة البيض ، أو الحجارة التي تقدح منها النار ، وهي جبل بمكة أيضا ، سمي الموضع بها مضافا إلى التسمية اللغوية أن المرأة ـ أي حواء ـ نزلت عليها فسمي المحل باسم الحال.
وبين الصفا والمروة من المسافة ما يزيد على ٧٦٠ ذراعا يسعى بينهما في الحج والعمرة. وكان للمشركين عليهما أصنام إلى أن أظهر الله تعالى الإسلام فألقاها عنهما رسول الله (صلىاللهعليهوآله).
والشعائر جمع شعيرة وهي العلامة تطلق تارة : على معالم الحج ومشاعره ، وهي أعلامه الظاهرة المعدة للنسك والعبادة ، ومشاعر الله كل ما يتعبد فيه لله عزوجل ، وأخرى : على العبادة والنسك من صلاة وصوم ودعاء ، وقراءة القرآن وغير ذلك مما يصح أن تكون عبادة.
والمعنى : إنّ الصفا والمروة من مواضع عبادة الله تعالى ومعالم طاعته ، لأنّ المسعى من أحب البقاع إلى الله تعالى ، وأن السعي بينهما تذلل خاص وخشوع كبير لله تعالى ، وأن فيه يذل كل جبار ففي الحديث قيل للصادق (عليهالسلام) : «لم صار المسعى أحب البقاع إلى الله تعالى؟ قال : لأنه يذل فيه كل جبار».
قوله تعالى : (فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ). الحج هو القصد للزيارة ، وفي