للكلمات ، والفاعل في أتمهنّ هو الله تعالى ، ويرشد إلى ذلك بعض الروايات.
ويصح أن يكون المتعلق قوله تعالى : (قالَ إِنِّي جاعِلُكَ) فتكون الكلمات شيئا آخر.
ثم إنّ متعلق «للناس» يصح أن يكون (إماما) وقدم للاهتمام به وللتصريح بعموم الإمامة للناس وارتباطها بمصالحهم العامة والخاصة.
وقوله تعالى : «إماما» مفعول ل «جاعلك» وهو لا يعمل إذا كان بمعنى الماضي ، كما لا يخفى.
بحث كلامي :
تقدم أنّ الإمامة هي السلطة الإلهية لتقويم العباد وتنظيم أمورهم الدينية والدنيوية بما يريده الله تعالى ، فتكون الإمامة من قسم الهداية الموصلة إلى المطلوب لا مجرد إراءة الطريق وإلّا لزم الخلف. والآيات الكثيرة المشتملة على هذا العنوان تشير إلى ذلك ، قال تعالى : (وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا) [سورة السجدة ، الآية : ٢٤] فذكر الصبر والثبات يشعر بما تحملوا ـ في إيصال الخلق إلى المطلوب ـ من المتاعب والبلايا ، وكذا قوله تعالى : (وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ وَكانُوا لَنا عابِدِينَ) [سورة الأنبياء ، ٧٣] إلى غير ذلك من الآيات المباركة.
إن قيل : لو كانت حقيقة الإمامة هي الإيصال إلى المطلوب لا مجرد إراءة الطريق فقد نرى خلافه في الخارج من عدم وصول عامة النّاس الى المطلوب الحقيقي مع تماديهم في غيهم وضلالهم.
يقال : إنّ الإيصال الى المطلوب بنحو الاقتضاء لا العلية التامة المنحصرة وإلّا لبطل الجزاء ، فمهما تخلل الإختيار في البين يكون الإيصال بنحو الاقتضاء ، كما هو معلوم. وسيأتي التفصيل في المباحث الآتية.
ثم إنّ الإنسان لا بد له من إمام يقتدي به في أفعاله وأعماله ويدبر له