في الدر المنثور عن عامر الشعبي : «كان وثن بالصفا يدعى إساف ، ووثن بالمروة يدعى نائلة فكان أهل الجاهلية إذا طافوا بالبيت يسعون بينهما ويمسحون الوثنين فلما قدم رسول الله (صلىاللهعليهوآله) قالوا : يا رسول الله إن الصفا والمروة إنما كان يطاف بهما من أجل الوثنين وليس الطواف بهما من الشعائر فأنزل الله (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ) ـ الآية ـ فذكّر الصفا من أجل الوثن الذي كان عليه وأنّث المروة من جهة الصنم الذي كان عليها مؤنثا».
وفي صحيح البخاري عن عاصم «كان المسلمون يمسكون عن الطواف بين الصفا والمروة وكانا من شعائر الجاهلية ، وكنّا نتقي الطواف بهما فأنزل الله تعالى (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ) ـ الآية ـ».
أقول : ورد من طرقنا قريب من ذلك أيضا.
بحث فقهي :
يستفاد من قوله تعالى : (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ) أن السعي عمل عبادي يتقوم بقصد القربة فبدونه أو مع قصد الرياء ـ نستجير بالله منه ـ أو غاية أخرى يكون السعي فاقدا لصلاحية الإضافة إلى الله تعالى ويكون السعي باطلا ، كما في سائر العبادات فيفسد حينئذ اصل الحج أو العمرة ، كما هو المفصل في كتب الفقه.
والسعي بين الصفا والمروة عبارة عن المشي بينهما سبع مرات بدءا من الصفا وانتهاء بالمروة كما هو مذكور في الفقه. ويصح ماشيا وراكبا ؛ ولا يعتبر فيه الطهارة لا الحدثية ولا الخبثية ، ولا الموالاة بين الأشواط ، ولا بين أبعاضها على ما فصل في الفقه.
وهو واجب كما عليه جمهور المسلمين وتدل عليه نصوص كثيرة وإجماع الإمامية ، وتقدم أن نفي الجناح إنما كان لرفع توهم الحظر الذي اعتقده المسلمون باعتبار أنّ السعي شيء صنعه المشركون أو لأجل وجود الأصنام على الجبلين فتوقفوا من السعي بينهما كما مر ، ويمكن استفادة ذلك من ظاهر الآية الشريفة أيضا ، فإن إثبات كون الصفا والمروة من شعائر الله يدل