والمشهور بين العلماء أنها إذا أضيفت إلى الفاعل تكون بمعنى الاعتراف بالذنب وطلب الغفران ، وإذا أضيفت إلى الله تعالى تكون بمعنى العفو والغفران بل تبديل السيئة بالحسنة في بعض الأحيان.
ويصح استعمال الاعتذار بالنسبة إلى غير الله تعالى ، وأما استعمال التوبة بالنسبة إلى غيره جلت عظمته فلم أجده في الاستعمالات الفصيحة.
والمراد من «أصلحوا» : أخلصوا النية لله تعالى ، وأصلحوا ما أفسدوه من أحوال النّاس ـ كما أن المراد من «بينوا» أي أظهروا ما كتموه وعملوا به.
والمعنى : إلّا من تاب عن عمله ورجع إلى الله تعالى وأخلص النية له عزوجل فأصلح ما أفسده وآمن بالرسول (صلىاللهعليهوآله) ولم يكتم كتاب الله وعمل بما رجع إليه ، فإنّ الله يتوب عليه ويفيض عليه رحمته ومغفرته.
والآية الشريفة تدل على اعتبار أمرين في هذه التوبة ـ الأول : الإصلاح والخلوص لله تعالى والإخلاص في النية.
الثاني : بيان الحق وإظهاره من بعد ما كتم والعمل به. فلا يكتفى بالتوبة الظاهرية والرجوع بمجرد اللسان مع عدم عقد النية عليه.
وبعبارة أخرى : إنّ الموضوع اجتمع فيه حق الله تعالى وهو إظهار البيان وحق النّاس وهو الوقوع في الضلالة لعدم البيان وقد دلت الأدلة الكثيرة على أنّ كل مورد من موارد التوبة إذا تعلق به حق من حقوق النّاس لا تصح التوبة فيه إلّا بأداء ذلك الحق.
قوله تعالى : (فَأُولئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ). أي : أولئك أخصهم بالذكر والمغفرة بعد تحقق شرائط صحة التوبة فيهم ، فانه هو الذي يرجع عباده اليه بعد الإعراض عنه بالمخالفة والإدبار عنه بالمعصية ؛ والرحيم بهم يغفر للمسيء ويثيب المطيع.
وفي الآية ترغيب شديد إلى التوبة ، والابتعاد عن اليأس مهما عظم الذنب.
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ). ذكر سبحانه في