ولا آخر وهو منحصر في الله تعالى ، وبالنسبة إلى ما له أول وآخر ، وبالنسبة إلى ما له أول وليس له آخر ، كنعيم أهل الجنّة وعذاب أهل النار.
والعذاب : هو الضرب ثم استعمل في كل عقوبة مؤلمة ؛ واستعير للأمور الشاقة حتّى قيل : السفر قطعة من العذاب. وقيل : إنّه من الأضداد لاستعماله في الطّيب العذاب أيضا. وقد ورد هذا اللفظ في القرآن الكريم فيما يزيد على ثلاثمائة مورد.
والنظر : استعمال البصر والبصيرة لدرك الشيء ويلزمه التأمل والإمهال ، ومنه قوله تعالى : (فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) [سورة الحجر ، الآية : ٣٦].
والمعنى : إنّهم ماكثون في اللعنة الموجبة للعذاب ولا يخفف عنهم لفرض استقراره عليهم بموتهم على الكفر فلا يرفع عنهم العذاب وفي الآية التفات من الضمير إلى الظاهر للدلالة على أن اللعنة هي العذاب.
بحث دلالي :
يستفاد من الآيات الشريفة أمور :
الأول : قد وصف سبحانه وتعالى ما أنزله بالبينات أي : الحجج الواضحة المشتملة على هداية النّاس التي تجلب لهم السعادة في الدارين وأن كتمان ذلك وإظهار ما هو خلافه موجب للضلالة والاختلاف والشقاء ، وهذا المعنى يستفاد من جملة كثيرة من الآيات الواردة في بيان هذه الآية أو التي وردت في بيان سبب اختلاف النّاس ، قال تعالى : (كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) [سورة البقرة ، الآية : ٢١٣]. ويستفاد من هذه الآية أن ما أنزله الله هو الحق الذي لا اختلاف فيه المعبّر عنه بالفطرة في القرآن الكريم والسنة الشريفة ، قال تعالى : (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ