النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) [سورة الروم ، الآية : ٣٠]. وهو يدل على أنّ سبب الاختلاف والتفرق بين الأمم هو الابتعاد عن الفطرة الذي لا يعلمه كثير من النّاس لكتمان الحق وعدم بيانه للناس ، أو تأويله وعدم حفظه ، أو لكثرة الشبهات التي توجب الابتعاد عن دين الفطرة ، ولذلك كله كان الكتمان ظلما عظيما.
الثاني : يستفاد من قوله تعالى : (وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا) أنه لا أثر للتوبة عن كتمان الحق الا بعد إزالة الأثر الخارجي الناشئ عن كتمان الحق وإظهاره وإعلانه والعمل به وإرشاد النّاس اليه.
الثالث : يدل قوله تعالى : (أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ) على أن كتمان كل ماله دخل في استكمال الإنسان جناية على المجتمع ، فان كل كمال للفرد يكون كمالا للمجتمع وكذا العكس ، لمكان التلازم بينهما في الجملة والإظهار حق نوعي لازم لمن قدر عليه. وتركه ـ وإخفاء الحق ـ ظلم نوعي ولذلك يلعنه كل لا عن ، إذ أن كل مظلوم يلعن ظالمه بالفطرة ولو لم يكن باللسان.
الرابع : يستفاد من الآية المباركة استمرارية اللعن ودوامه بالنسبة إلى كل من يكتم الحق فلا يختص حكمها بطائفة خاصة ، ويدل على ذلك أيضا أن قبح كتمان الحق من المستقلات العقلية فمهما وجد موضوعه ينطبق الحكم عليه قهرا ، كما في كل قضية عقلية.
الخامس : إنّما أجمل سبحانه وتعالى اللعن في الآية الأولى وفصّله في الآية الثانية ، لتعدد الجهات في الآية الثانية من الموت على الكفر وعدم التوبة من كتمان الحق ، واستقرار الظلم في نفوسهم
بحث روائي :
في تفسير العياشي عن أبي عبد الله (عليهالسلام) : «قلت له : أخبرني عن قول الله عزوجل : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ). قال (عليهالسلام) : نحن يعنى بها والله المستعان أنّ الرجل منا إذا صارت اليه لم يكن له او لم يسعه إلّا أن