السنة الأنبياء الحافظين للشريعة والعالمين بها فالبقاء لا بد أن يكون بالإمامة ، لانقطاع النبوة في خاتم الأنبياء (صلىاللهعليهوآله).
ومما ذكرنا يظهر أنّ هذا الجعل تكويني تشريعي فتكوينه يكون دخيلا في تشريعه ، وأنّ تشريعه له دخل في تكوينه. وأنّ الإمام يجب أن يكون معصوما كالنبي (صلىاللهعليهوآله) وإلّا استلزم الخلف ، ويدل عليه ظاهر الآية المباركة : (قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) فما ذكره العلماء في منصبي الإمامة والنبوة من أنهما منصبان مجعولان من الله تعالى ، وأنه ليس في البشر من يفوقهما في علم التشريع ، وأنهما مرتبطان بعالم الغيب كل ذلك صحيح ومطابق للقواعد العقلية ، كما عرفت ويأتي التفصيل في محله.
(وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (١٢٥) وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى عَذابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٢٦))
شرع تبارك وتعالى في تعداد نعمه التي منها جعل البيت مثابة وأمنا وعهده إلى نبيه إبراهيم (عليهالسلام) وابنه إسماعيل أن يطهرا بيته للطائفين والعاكفين والركع السجود. وفي الآية المباركة توبيخ لليهود الذين ينسبون أنفسهم إلى إبراهيم (عليهالسلام) وتحريض لهم بأنه لا بد أن يكونوا أول المؤمنين به ، وفيها توطئة لتشريع القبلة.
التفسير
قوله تعالى : (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ). تقدم في الآية السابقة متعلق «إذ».
ومادة (بيت) تأتي بمعنى البيتوتة ليلا ، وسمي البيت بيتا لأنه يبيت فيه الإنسان ثم اتسعت وأطلقت على الأعم منه ومن كل مجمع وسمي بيت الشعر بيتا ، لأنه مجمع الحروف والكلمات ، كما سمي البيت العتيق بيتا لأنه مجمع