الأخبار.
الثالث : أداء الحقوق وردها إلى أهلها ، وفي الحديث : «لا توبة حتّى تؤدي إلى كل ذي حق حقه» ، وفي حديث آخر : «الظلم الذي لا يدعه الله فالمداينة بين العباد» إلى غير ذلك من الأخبار.
وأما القسم الثاني ، وهي شروط الكمال فقد جمع أمير المؤمنين (عليهالسلام) المهم منها في قوله : «الاستغفار درجة العليين ؛ وهو اسم واقع على ستة معان : أولها الندم على ما مضى ، والثاني العزم على ترك العود إليه أبدا ، والثالث أن تؤدي إلى المخلوقين حقوقهم حتّى تلقى الله عزوجل أملس ليس عليك تبعة ، والرابع أن تعمد إلى كل فريضة عليك ضيعتها فتؤدي حقها ، والخامس أن تعمد إلى اللحم الذي نبت على السحت فتذيبه بالأحزان حتّى تلصق الجلد بالعظم وينشأ بينهما لحم جديد ، والسادس أن تذيق الجسم ألم الطاعة كما أذقته حلاوة المعصية ، فعند ذلك تقول : استغفر الله» ولا يخفى انه (عليهالسلام) جمع في كلامه كلا القسمين من الشروط.
ومن شروط الكمال أن يترك المعصية لأجل المعصية لا لأجل شيء آخر من حياء أو خجل أو غير ذلك ، بل تركها لأجل نقص في عضو او عدم الإمكان لا يسمى توبة. وهذا ظاهر.
قبول التوبة :
إذا تحققت التوبة من العبد وكانت مستجمعة للشرائط تكون مقبولة لا محالة ، ويدل على ذلك أمور : الأول : قوله تعالى : (كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [سورة الأنعام ، الآية : ٥٤] ، ويستفاد من هذه الآية قاعدة كلية وهي أن كل ما هو من صغريات الرحمة بينة عزوجل وبين عباده يكون واجبا عليه عزوجل لأنه كتب على نفسه ذلك فقبول التوبة الجامعة للشرائط مما أوجبه الله على نفسه ، فيستغنى بذلك عن قاعدة اللطف التي أثبتوها في علم الكلام.