والليل اسم جنس واحده ليلة ، كتمر وتمرة ، والنهار اسم جنس أيضا ويقع على القليل والكثير على حد سواء ، ولم يسمع له جمع في الاستعمالات الفصيحة.
واختلاف الليل والنهار كذلك فيه من الحكم والمصالح الدالة على حكمته البالغة وعظيم صنعه ، وفيه من المنافع للنّاس مما يدل على عظيم لطفه ، وقد أشار سبحانه إلى بعض تلك المنافع في آيات أخرى فقال تعالى : (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْناهُ تَفْصِيلاً) [سورة الإسراء ، الآية : ١٢] ، وقال تعالى : (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُوراً) [سورة الفرقان ، الآية : ٦٢] ، وقال تعالى : (وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [سورة القصص ، الآية : ٧٣].
قوله تعالى : (وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ). الفلك ـ بضم الأول وسكون الثاني ـ السفينة ومفردها كجمعها ويفرق بينهما بالقرائن ، قال تعالى : (وَتَرَى الْفُلْكَ مَواخِرَ فِيهِ) [سورة النحل ، الآية : ١٤] وقال تعالى : (وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا) [سورة هود ، الآية : ٣٧]. فإن الأول جمع والأخير مفرد ، وقد ورد هذا اللفظ في القرآن الكريم في ما يزيد على عشرين موردا ، وأما الفلك ـ بفتح الأول والثاني ـ فهو مجرى الكواكب.
وجريان الفلك في البحر وانتفاع الناس بها في نيل مقاصدهم في التجارة وحمل الأثقال والأسفار البعيدة ، كل ذلك من آيات الله تعالى الدالة على وجوده ووحدانيته وحكمته البالغة ، لأن جريانها في البحر لم يكن إلّا نتيجة قواعد علمية ثابتة ، منها القواعد المعروفة في ثقل الأجسام ؛ أو المتعلقة بجريان الريح قال تعالى : (وَمِنْ آياتِهِ الْجَوارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَواكِدَ عَلى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) [سورة