الشورى ، الآية : ٢٣]. ومنها القواعد المتعلقة بالبخار والكهرباء الذين تجري بهما الفلك في هذه الأعصار ، وغيرها من القواعد والقوانين التي هي من نعم الله تعالى على الإنسان قال تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آياتِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) [سورة لقمان ، الآية : ٣١].
قوله تعالى : (وَما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ). فإنّ في نزول المطر وارتواء الأرض وحياتها بعد موتها آية من الآيات الدالة على رحمته العامة وحكمته البالغة. ولم يبين سبحانه في هذه الآية كيفية تكوين المطر إلّا أن آيات أخرى تبين ذلك ، وسيأتي في قوله تعالى : (اللهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ) [سورة الروم ، الآية : ٤٨] إثبات أن مضمون هذه الآية هو الذي أثبته العلم الحديث بعد قرون عديدة.
قوله تعالى : (فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ). البث التفريق ، والدابة من الدبيب ، وهي كل ما يدب في الأرض وإن اشتهرت في العرف بما يركب.
والمراد من حياة الأرض بعد موتها هو جميع أنواع الحياة النباتية والحيوانية والإنسانية وخروجها من الجدب إلى الارتواء وقابلية إنماء النبات وقوة الإنبات ، فان من نزول المطر ترتوي الأرض فتستعد لحياة النبات عليها ، وبه يعيش الحيوان والإنسان ، قال تعالى : (وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) [سورة الحج ، الآية : ٥]. والأرض القاحلة الخالية عن الماء لا يعيش فيها نبات ولا حيوان فهي ميتة من هذه الجهة ، وان المطر يخرجها الى الحياة ، ومن ذلك يعرف أن الماء سبب في حياة الأرض والنبات والحيوان ، ونزوله بحسب حكمته البالغة يدل على عظيم لطفه وواسع رحمته.
قوله تعالى : (وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ). التصريف : النقل والتغيير. والرياح الهواء المتحرك وإذا استعمل اللفظ في القرآن الكريم جمعا يكون