عديدة وقد كشف القرآن الكريم قبل ذلك عن بعض منها ، وفي كل ذلك دلالات واضحة على أنها من صنع الله تعالى القادر المتعال العليم الحكيم الرحيم ، فإن كل مصنوع فيه الدلالة على صانعه ، وإنّ فيها الدلالة على وحده صانعها وأنّه المستحق للعبادة والتعظيم لا يشاركه غيره ، قال تعالى : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا فَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ) [سورة الأنبياء ، الآية : ٢١].
بحوث المقام
بحث دلالي :
تتضمن الآيات المباركة أمورا :
الأول : ذكر سبحانه وتعالى في هذه الآيات من الأسماء الحسنى الوحدة ، والرحمانية ، والرحيمية دون غيرها من الأسماء ، ويمكن أن يكون الوجه فيه هو أن بالوحدة تتم له تعالى جميع أنحاء التوحيد ويتنزه عن جميع أنحاء الشرك فهو فرد في الألوهية والصفات العليا لا يشاركه أحد من مخلوقاته ، فيستحق بذلك الألوهية في الخلق والعبادة ، كما سيأتي مزيد بيان في البحث الفلسفي وبالرحمانية والرحيمية تتم له الربوبية العظمى في مخلوقاته.
الثاني : قد ذكر سبحانه في هذه الآيات أصول الخلق التي تتعلق بالإنسان من حيث حياته ونشأته وبقاؤه وانتفاعه ، فقد ذكر خلق السموات والأرض لأن بهما تتقوم حياة كل حي وذكر اختلاف الليل والنهار من حيث مدخليتهما في نشأة الحيوان والإنسان وبقائهما ، ثم ذكر الماء والنبات ، لأن بقاء كل كائن حي إنما يكون بهما ، وذكر أخيرا تصريف الرياح باعتبار مدخليتها في بقاء كل ذي حياة ، وأما الانتفاع من الرياح والفلك وغيرهما فهو ظاهر.
الثالث : إنما ذكر سبحانه (وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ) بعد اختلاف الليل والنهار ، لأن تمامية النفع من الفلك إنما يتحقق بمعرفة الأوقات وساعات الليل والنهار. وذكر السحاب بعد تصريف الرياح ،