وفي التعبير بالاتخاذ عناية خاصة ودلالة ظاهرة في المبالغة في اختيار الصّلاة في المقام إما لأجل كثرة أهمية الصّلاة فيه ، أو لأجل توفر الأسرار المعنوية والفيوضات الإلهية فيه ، أو لأجل إرشادهم إلى أن ضيق المقام ظاهرا لا يمنعهم عن اتخاذه مصلّى ، وسيأتي في البحث الفقهي تفصيل ذلك.
ومقام : اسم مكان من القيام ، والمراد به مقام إبراهيم (عليهالسلام) الحجر المعروف الذي عليه أثر قدميه (عليهالسلام) ؛ وفيه قال أبو طالب :
وموطئ إبراهيم في الصخر وطأة |
|
على قدميه حافيا غير ناعل |
وقال أبو جعفر (عليهالسلام) : «نزلت ثلاثة أحجار من الجنّة : مقام إبراهيم ، وحجر بني إسرائيل ، والحجر الأسود كان أشد بياضا من القراطيس فاسود من خطايا بني آدم».
وكان مقام إبراهيم حجرا يقوم عليه لبناء الكعبة المقدسة وكان يرتفع بارتفاع البناء وينزل بعد ذلك ، لأنه كان من الجنّة ، وكل ما في الجنّة له نحو حياة ، وسيأتي في الموضع المناسب الكلام فيه.
وهذا المقام هو الحجر الذي وضعته زوجة إسماعيل تحت قدمي إبراهيم (عليهالسلام) وغسلتهما عليه حين مجيئه من السفر لزيارة أهله في واد غير ذي زرع.
وهذا هو المقام الذي قام عليه إبراهيم فأذن في النّاس بالحج. وكان ملاصقا بالبيت ثم أبعد إلى مكانه المعروف الآن ، وسيأتي تتمة الكلام في البحث التاريخي.
والمراد بالاتخاذ مصلّى الابتعاد عن المطاف لتوسعته للطائفين ، ويأتي في البحث الفقهي تفصيل ذلك.
والمراد من المصلّى جعل المقام محلّا للصلاة على ما تدل عليه الروايات واستقرت عليه سيرة المسلمين ، فيكون المراد من اتخاذ الصّلاة في المقام هو الصّلاة في محل قيامه (عليهالسلام) أو خلفه في مسجد الحرام لا نفس الصّخرة التي فيها أثر قدميه (عليهالسلام) فإنه لا يمكن أن يتخذ