فقبّلته ، ولا يصح استعمال الإرادة فيه ، ومن اختلاف استعمال كل منهما في مورد الآخر حسنا وقبحا يعلم اختلاف المعنى. نعم يصح جعل الإرادة والشوق من مبادي المحبة.
والمعنى : ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا وأمثالا ونظائر إما في القدم ، فيجعلون الذوات قديمة ، او في الأثر ، كما يجعلون الطبيعة مؤثرة ، أو في الحكمة والبداعة فيجعلونها من مقتضيات الذوات أو في الاختيار والقدرة فيتبعون الرؤساء ويجعلونهم سببا مستقلا في مقابل إرادة الله تعالى ، أو في الأفلاك وكائنات الجو فللناس فيها عقائد ومذاهب باطلة ، ويظهرون العلاقة القلبية بالنسبة إليهم ويعظمونهم ويخضعون لهم على نحو تعظيم الله تعالى وإظهار العلاقة له عزوجل ، لعدم التعقل والتفكر في الواقع وعدم فرقهم بين الحقيقة والمجاز والاقتصار على الظاهر فقط.
والمراد (بحب الله) الحب الظاهري الناشئ من المعاشرة مع المسلمين المحبين لله تعالى ، والحب الادعائي الذي يدعيه المنافقون.
ومقتضى المقابلة بين الآيات السابقة والمقام وسياق المخاطبة أن يقال : ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله لأنهم لا يعقلون. إلّا أن من أدب القرآن ، والحث والترغيب في دخولهم الإسلام والمدارة معهم مهما أمكن أوجب تغيير التعبير ، ولذا نرى أن الآيات المشتملة على جملة : «لا يعقلون» نازلة في أواخر البعثة وبعد استقرار الإسلام ، قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ) [سورة الحجرات ، الآية : ٤] ، وقال تعالى : (تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ) [سورة الحشر ، الآية : ١٤] وقال تعالى : (وَلكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ) [سورة المائدة ، الآية : ١٠٣].
قوله تعالى : (وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ). لاعتقادهم بأنه جامع لجميع الصفات الحسنى ، وانه مرجع الكل ومنتهاه ، وأنه أرحم الراحمين ، وله القدرة والسلطان ، وان عنده مفاتيح الغيب يعطي لمن يشاء ويمنع عمن يريد ، وان