ومنها : القوانين التي تحدد حريات الفرد وتكبح جماحه عن الشهوات سواء كانت تلك القوانين شرعية إلهية أم وضعية وضعت لمصلحة الإنسان بحيث لو لاحظنا تلك المصالح لما كان قسر في البين وإنما يرجع القسر إلى عدم درك المنشأ.
ومنها : العادات والتقاليد فإن لها تأثيرا في قهر الفرد ، وهذه العادات والتقاليد إن كانت سيئة وغير موافقة للشريعة المطهرة يجب إزالتها ومحوها وإلّا رجعت إلى الشرع المبين.
ثم إنه قد ذكرنا انهم أشكلوا على الخلود في النار بأنه يستلزم القسر الدائمي وهو باطل ، فيمتنع عليه تبارك وتعالى.
والجواب عنه بأنّ الأفعال لا بد وأن تجري على وفق الموازين الطبيعية والواقعية منها بما لها من الجهات والخواص والآثار التي لا يحيط بها إلّا الحي القيوم ، فما كان على خلاف ما نراه من الطبيعة لا يستلزم أن يكون كذلك في الواقع أيضا ، لعدم إحاطة المدركات بالواقعيات مضافا إلى أن الخلود في النار إنما هو نتيجة سوء سريرة الإنسان التي تكون معه أينما كان فيكون أمرا واقعيا لقانون العلية والمعلولية فلا موضوع للقسر حينئذ.
بحث عرفاني :
من أقرب المعاني إلى النفس وأعذبها عليها الحب. ذلك هو الترابط الوثيق الذي يربط الموجودات بعضها مع بعض وبه يجتذب كل صانع مصنوعه فهو الطريق إلى الكمال كل بحسب ما يريده كمالا وبه تتحقق الحياة السعيدة ولأجله يعيش الفرد ويعمل.
يعرفه جميع الروحانيين وأملاك السبع الشداد ، ودواب الأرض المهاد ، وجميع الوحوش في الفلوات ، والحيتان في البحار الغامرات. بل ان جميع الموجودات تحبه تعالى وتعشقه كما أثبته جمع من الفلاسفة.
وبهذه الصفة يدرك المخلوق خالقه ، ومن هذه الجهة يعطف الخالق على خلقه ، فلا حياة إلّا بالحب ولا سعادة إلّا بالعشق.