التفسير
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً).
الحلال : هو المباح في مقابل المنع والحرام ، وبينه وبين المنع نسبة العدم والملكة ، ولذا لا تتصف أفعال الله تعالى بالحلال والمباح ، لعدم تعقل الحظر والمنع بالنسبة إليه عزوجل.
والطيب ما تستلذه النفس ولم يرد فيه نهي من الشرع.
والأمر فيه للإباحة و «من» للتبعيض أي بعض ما في الأرض إذ ليس كل ما فيها يؤكل ، أو من بعض ما في الأرض مما أحله الله تعالى. والجمع بينهما إما لأجل التحريض في إناقة الأطعمة بأي وجه أمكن إذا لم يكن محذور شرعي في البين. أو لأجل أدب المقام وتكريم الأكل في قوله تعالى : (فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً) [سورة النساء ، الآية : ٤].
وتعميم الخطاب للنّاس أجمعين من جهة تعميم رحمته تعالى.
قوله تعالى : (وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ). الخطوات [بضمتين] جمع خطوة وهي ما بين قدمي الماشي كالشهوة والشهوات وقرئت بضمة وسكون ، وخطؤات بضمتين وهمزة ، وخطوات بفتحتين ، وخطوات بفتح فسكون جمع الخطوة وهي المرة من الخطو. والمعروف هو الأول. واتباع خطوات الشيطان هو الاقتداء به واقتفاء أثره والاستنان بسنته. ولم تستعمل كلمة الخطوات في القرآن الكريم إلّا بالنسبة إلى الشيطان الرجيم ، وقد نهى سبحانه النّاس عن اتباعها في موارد متعددة.
والشيطان سواء كان من شطن أو شطأ بمعنى المبتعد عن الحق والعدو اللدود. ولفظه عبرى الأصل.
ويعتبر في الأديان الإلهية الكبرى مبعث الشر متمثلا في شخص خاص وله أعوان من صغار الشياطين يأتمرون بأوامره ، وهو يغري الإنسان ويكون سببا في غوايته على نحو الاقتضاء لا الجبر ولا يعدم اختياره ، فيستطيع ان يدافع معه وذلك بتوفيق من الله تعالى.