إلى متابعة خطواته ، وسائق كذلك يرغبه إلى ذلك وهو النفس الأمارة ، وهاد إلهي يهديه إلى الحق والصراط المستقيم وهم الأنبياء والمرسلون والمبدأ في الأول هو الشر والوسط خطوات الشيطان والمنتهى هو النار ، كما أن المبدأ في الثاني هو الله تعالى والوسط الأنبياء المرسلون والصراط المستقيم والغاية هي الجنّة.
وحقيقة الشيطان عبارة عن الجهل المركب والظلمات المنتهية إلى الإختيار.
ثم إنّ لخطوات الشيطان مظاهر ومراتب مختلفة ، فإنّ ترك كل واجب وإتيان كل محرم إلهي ، بل إتيان المشتبهات يكون من خطوات الشيطان ، وكذلك إتيان المكروه بالنسبة إلى كمال مرتبة الإيمان ، وكذا الغفلة عنه تبارك وتعالى ؛ بل اطلاق النهي يشمل القوى الباطنية من الوهم والخيال ، فإن ذلك كله مظاهر مختلفة من خطوات الشيطان أيضا ، والجميع تشترك في عدم الثبات ، كما هو شأن الخطوة المتقومة بالحركة.
قوله تعالى : (إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ). تعليل للنهي عن متابعة الخطوات بما هو ثابت في الفطرة التي تقضي بالفرار عن العدو والحذر منه ومخالفته بكل وجه أمكن. وعداوة الشيطان للإنسان واضحة فانه لا يدعو إلّا إلى ما يوجب الهلاك والبعد عن ساحة الرحمن ، وهو لا يخفي عداوته للإنسان وأبان ذلك من حين خلق آدم (عليهالسلام) ويسعى في إفساد أحوال العبد قال تعالى : (إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ) [سورة فاطر ، الآية : ٦].
وقد أكد سبحانه وتعالى هذا الأمر في مواضع كثيرة من القرآن الكريم بل في جميع الكتب السماوية. والوجه في كونه عدوا مبينا أنه حلف على إغواء الإنسان كما حكى عنه تعالى : (فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) [سورة ص ، الآية : ٨٣].
ومن إخباره تعالى بأنّ الشيطان عدو للإنسان وإيكال الأمر إلى الفطرة يستفاد غاية التحذير والسعي في الابتعاد عنه.