ومن الآية الشريفة يستفاد تقسيم التقليد إلى قسمين : قسم يكون في الباطل وإلى الباطل ، وقسم آخر يكون في الحق وبالحق كما ستعرف.
قوله تعالى : (وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعاءً وَنِداءً). المثل : الشبه ، والقول في شيء يشبه قولا في شيء آخر يبين أحدهما الآخر. والمثال الصورة ، وفي الحديث : «إذا خرج المؤمن من قبره خرج معه مثال يتقدم أمامه فيقول له المؤمن من أنت؟ فيقول له : أنا السرور الذي كنت أدخلته على أخيك المؤمن في الدنيا»
وقد ذكرت هذه المادة بهيئات مختلفة في القرآن الكريم في ما يزيد على أربعين موردا. وذكر الأمثال في الكلام من أهم جهات الفصاحة والبلاغة وإنما يؤتى بها لتقريب المعاني إلى الأذهان وقد اعتنى بها الله تعالى في القرآن الكريم قال سبحانه : (وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ) [سورة الروم ، الآية : ٥٨] وتقدم ما يتعلق بها في آية ١٧ من هذه السورة فراجع.
والنعيق صياح الراعي بالغنم وزجرها ، والعرب تضرب المثل براعي الغنم في الجهل ، ويستعمل النعيق ، والنغيق ، والنعيب في صوت الغراب أيضا بحسب اختلاف حالاته.
والدعاء للقريب. والنداء للبعيد غالبا وقد يستعمل أحدهما في مقام الآخر أيضا.
وقد بين سبحانه وتعالى أنّ مثل الكفار في عدم التعقل والتدبر في ما يرتبط بشؤون دينهم وآخرتهم ، وعدم تأملهم في ما أتى به الأنبياء لأجل سعادتهم ونجاتهم من المفاسد والمهالك ، مثل الحيوانات التي لا تفهم من الخطاب إلّا مجرد الأصوات التي يصدرها الإنسان لدعوتها إلى شيء أو زجرها عن شيء آخر فهي لا تعقل شيئا مما يقول ولا تفهم منها معنى كذلك شأن الكفار في الجهل وعدم التمييز بمداليل الألفاظ وعدم درك المعاني.
قوله تعالى : (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ). أي : أنّ الكافرين صم عن الحق فلا يدركونه ، وبكم عن السؤال عما يفيدهم وعمي عن العبرة