والاعتبار مما يرونه ، وهذا شأن كل من غلب عليه الجهل المركب ولا يكون في مقام رفعه فليس له حظ من الكمال ولا يريد الاستكمال وقد تقدم نظير هذه الآية في آية ١٨ من هذه السورة.
ويمكن أن يستدل بمثل هذه الآية على أن الكفار الذين ركبهم الجهل والعناد أضل من الأنعام فانها تنزجر بزجر الراعي وتستجيب دعوته ، ولذا يمثلون كل مجتمع ليس فيهم قائد بصير ولا مدبر خبير بأنهم كأغنام لا راعي لها ، وهذا بخلاف الكفار فإنهم لا يرتبون أي أثر على دعوة الأنبياء ولم يعيروا لها بالا.
ثم إنّ المثل في المقام يحتمل وجوها أربعة :
الأول : أن يكون تشبيه حالهم في ترك دعوة الحق واتباع آبائهم بالناعق للحيوان يعني أن التابعين كالحيوان والمتبوعين كالناعق لهم.
الثاني : أن يكون كالوجه الأول إلّا ان التشبيه يكون بالنسبة إلى التابع ، يعني : ان المتبوع كالحيوان والتابع كالناعق لهم.
الثالث : لحاظ التشبيه بالنسبة إلى المعبودات الباطلة من الأوثان والأصنام ، بل يمكن التعميم فيشمل كل ما يراد به غير وجه الله تعالى ، فيكون المراد به أنه ليس له إلّا التعب والنصب من دعائه.
الرابع : تشبيه واعظ الكفار ـ وهم الأنبياء ـ بالراعي الذي ينعق بالحيوان ، فلا يسمع الكفار منهم ولا يفهمون ما يقولون لهم. ويمكن أن يؤخذ معنى عاما يشمل جميع ذلك.
بحوث المقام
بحث دلالي :
تشير الآيات الشرية إلى أمور :
الأول : يستفاد من قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ) أنّ أمر الدين مختص بالله تعالى وأنّ في غير ما أذن فيه تعالى يكون تشريعا محرما واتباعا لخطوات الشيطان.