عزوجل.
قوله تعالى : (لِلطَّائِفِينَ وَالْعاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ). والمراد بالطائفين القاصدين للبيت الحرام لأجل الطواف حوله ، والعكوف هو الإقبال عليه وملازمته على سبيل التعظيم ، والعاكفين الذين حبسوا أنفسهم للعبادة في بيت من بيوته جل شأنه.
والرّكّع السجود جمع الراكع والساجد ، وكل فعل مصدره على فعول جاز في جمعه ذلك. وهما كناية عن الصّلاة ، لأنهما أبرز أفعالها.
قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً). مادة (ب ل د) تأتي بمعنى القطعة المحدودة المعينة. من الأرض سواء كانت عامرة أو لم تكن ، قال تعالى : (فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها كَذلِكَ النُّشُورُ) [سورة الفاطر ، الآية : ٩] ، وغالب ما يستعمل في العرف إنما هو في الأولى. واستعملت في الحرم الأقدس الربوبي بأنحاء الاستعمالات ، قال تعالى : (رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً) [سورة البقرة ، الآية : ١٢٦] ؛ وقال تعالى : (رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً) [سورة ابراهيم ، الآية : ٣٥].
والفرق في التنكير والتعريف أن الأول إنما صدر منه (عليهالسلام) حين كان المحل واديا غير ذي زرع ، فدعا (عليهالسلام) بأصل حدوث البلد في الجملة. والثاني إنما صدر منه بعد صيرورة المحل معرضا للبلدية.
كما أن قوله تعالى : (وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ) [سورة ، التين ، الآية : ٣] ، وقوله تعالى : (إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَها) [سورة النمل ، الآية : ٩١] إنما نزل بعد استقرار البلدية وتوجه النّاس إليها من كل جانب فاختلاف التعبيرات إنما يكون باختلاف الحالات والخصوصيات.
ومادة (أمن) تأتي بمعنى الطمأنينة ، وزوال الخوف ، وسكون النفس ، وقد استعملت جملة من مشتقاتها بالنسبة إلى الحرم الأقدس الإلهي ، قال تعالى : (أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً) [سورة العنكبوت ، الآية : ٦٧] ؛