تعالى خلق ما في الأرض له ليرفع نفسه عن درجات البهيمية الى الدرجات العالية ويتنزه عن ما ينافي مقام العبودية فلا يعبد غيره تعالى فان الجميع مخلوق ومربوب له عزوجل.
قوله تعالى : (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ). قد ذكر الاضطرار إلى الأكل في موارد خمسة من الكتاب الكريم أحدها في هذه الآية والثاني في قوله تعالى : (فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [سورة المائدة ، الآية : ٣]. والثالث في قوله تعالى : (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [سورة الأنعام ، الآية : ١٤٥]. والرابع في قوله تعالى : (إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [سورة النحل ، الآية : ١١٥]. والخامس في قوله تعالى : (وَما لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيراً لَيُضِلُّونَ بِأَهْوائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ) [سورة الأنعام ، الآية : ١١٩].
وكلمة «غير» منصوبة على الحالية وقبل على الاستثناء ، والتمييز بينهما هو انه إذا صلح في موضعها لفظ (في) أو ما يفهم معنى الظرفية والحالية ، فهي حال وإذا صلح لفظ (الا) فهي استثناء.
والاضطرار معلوم والمراد به الإلجاء إلى أكل شيء من المذكورات ومادة (بغي) تأتي بمعنى الميل ، وله مراتب كثيرة ومن بعض مراتبه الطلب ، ومنه قول نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) : «ألا إن الله يحب بغاة العلم» أي طالبي العلم.
وهي إما أن تكون متعدية أو لا تكون كذلك بل تتعدى بلفظ (على). ولهذه المادة استعمالات كثيرة في القرآن الكريم ربما تزيد على عشرين موردا ، وجامعها الميل من الحق إلى الباطل ، وقد تستعمل في الميل إلى الحق أيضا كمن أتى بالفرائض وبغى إتيان النوافل.
فالأقسام أربعة : الميل من الحق إلى الحق ، والميل من الباطل إلى