بر ، ولعدم الفائدة في الجميع إلّا به ، ثم ذكر الإيمان باليوم الآخر للتلازم بين المبدإ والمعاد. ثم ذكر الملائكة ، لأنّهم رسل الوحي ووسائل الفيض الربوبي ثم ذكر الكتب ، لأنّها الوحي المبين المنزل من الله تعالى بواسطة الملائكة على الأنبياء والمرسلين ، ثم ذكر إيتاء المال ، لأن الإيمان لا بد وان يظهر آثاره على العمل ومن أشد الأعمال هو إعطاء المال وبذله لكثرة علاقة النفوس به ، ولذا قال علي (عليهالسلام) : «ينام الرجل على الثكل ولا ينام على الحرب» ثم ذكر إقام الصّلاة لأنها أول الفرائض وأرفعها شأنا في تهذيب النفس ثم ذكر إيتاء الزكاة لأن بها يستكمل الإنسان إيمانه فإن الصّلاة يلاحظ فيها الجانب الروحي ، وفي الزكاة يلاحظ الجانب العلمي المادي. ثم ذكر الوفاء بالعهد ، لتقوم الجانب الأخلاقي في جميع التكاليف الإلهية والعهود المراعاة بين الخلق بالوفاء به ثم ذكر الصبر أخيرا لأن في الإخلال بالعهد ونبذه إيماء إلى إعلان الحرب وهو يتقوم بالصبر ، أو لأن جميع الأمور المذكورة إنما تتقوم وتتحقق بالصبر ، وعدم الظفر بالنتيجة إلّا به ولذا أخره عن الجميع كتأخر الغاية عن ذيها.
السادس : أنّ الآية الشريفة مشتملة على أصول هي أصول نظام الإنسانية الفردية والاجتماعية وهي محور جميع الشرايع الإلهية ، وأساس الفلسفة العملية ، وبها يرتبط الإنسان بعالمي الغيب والشهادة وهي :
الأصل الأول : الإيمان بالله واليوم الآخر ، وهو الكمال الذي ليس فوقه أي كمال ، وينطوي فيهما ما أوحي على المرسلين وهما أساس ما استلهمه أهل الفلسفة العلمية والعملية. ولا ريب في أنّ الإيمان كذلك له مراتب متفاوتة.
الأصل الثاني : الإيمان بالملائكة بما انهم وسائط في التدبير والتنظيم وإتقان الصنع فهم وسائط فيض الله تعالى ؛ فكما أنّ شكر المنعم واجب بحكم العقل كذلك يجب شكر الوسائط ، والشكر لا يتحقق إلّا بعد المعرفة.
والملائكة من عالم الغيب الذي هو مقابل عالم الشهادة التي نحن فيها المتضمنة لأنواع الحيوان والنبات والجماد ، ولا يمكن درك أسراره وان بذل