غاية الجهد.
الأصل الثالث : الإيمان بالكتب والأنبياء معلمي البشرية وهاديها ولا يخفى أنّ بالتعلم والتعليم يقوم نظام إنسانية الإنسان وإلّا لبقي على أصل الحيوانية ، وان بهما يتحقق السير الاستكمالي له وانهما وسيلة لإخراج ما هو المكنون في الكون من الأسرار ، ولا يتحققان إلّا بقوانين تنظم شؤون الفرد والمجتمع وترشده إلى الطريق المستقيم ومعلم يهديهم إلى ذلك. والأول هو الكتاب والثاني هو النبي ، وبدونهما يكون التشريع لغوا وباطلا وهو محال عليه تعالى ، والجميع يرجع إليه تعالى فهو أول من وضع الكتاب وأول واضع لنظام التعليم والتعلم وأول من أرسل المعلم ، والآيات القرآنية تبين ذلك بوضوح.
الأصل الرابع : إيتاء المال وبذله لأن كل مجتمع ـ بدائيا كان أو حضاريا ـ فيه طبقات تختلف في الغنى والفقر ، وهذا من مقتضيات نفس العالم إن لوحظت بالنسبة إلى النظام الأحسن ، وحينئذ يحكم العقل بحسن بذل المال وعدم احتكاره تقديما لحفظ المجتمع على مالكية الفرد أو سدا لحاجة الفقراء أو دفعا لسطوة الأغنياء ، وهذا هو الأصل الذي ارتضاء العقلاء وقررته الكتب السماوية خصوصا القرآن الكريم ولذلك كله حدود وقيود مذكورة في الفقه الإسلامي.
ولا يقال : إنّ بذل المال مجانا يوجب ازدياد الكسل والبطالة ، وبالأخرة الفساد الاجتماعي والأخلاقي ولأجل ذلك أنكرت بعض المذاهب الاقتصادية الصدقات والعطيات والكفارات.
وفساد ذلك بيّن فإنّ الشرايع الإلهية التي تحبذ على الصدقات والعطيات إنما تجعل حدودا وقيودا في بذلها منها الحاجة الماسة أي : فقر الآخذ ، وعجزه عن التكسب اللائق بحاله ، كما أنّ اهتمام العقلاء ببذل المال إنما هو لأجل عدم تمركز الثروة في فئة قليلة بل لا بد من توزيعها بالتدريج ـ بمثل ما هو المقرر في الشريعة ـ لئلا «يتبيّغ [يتأثر] بالفقير فقره».
الأصل الخامس : إقام الصّلاة بما فيها من الارتباط بعالم الغيب والاستمداد منه ، وفيها تتحقق المخاطبة بين العابد والمعبود ويتجلّى المعبود